يختار الباحث الفرنسي جورج فيغاريلو الكتابة عن أفكار مبتكرة تتعلق ببعض الموضوعات والمظاهر الإنسانية بهدف التأصيل التاريخي لها بطريقة سردية مشوقة؛ فيقدمها كأنها قصة تتعدد شخصياتها وتنتقل بهم في أماكن متعددة وأزمنة متنوعة. هكذا فعل حين كتب عن تاريخ الجمال والزينة، وتاريخ الجسد، وتاريخ البدانة، وحين تقصَّى تاريخيًّا مراحل تطور الرداء، أما هذه المرة فهو يتوقف عند «التعب»؛ ليس باعتباره وصفًا بدنيًّا ونفسيًّا لحالات متباينة يمر بها الإنسان بسبب أو آخر، ولكن بالنظر إليه بشكل أعمق كمكون جذري في تطور البشر على المستوى الاجتماعي والحضاري بشكل أعم.
الكتاب بعنوان «تاريخ التعب، من العصر الوسيط إلى أيامنا هذه»، ويتكون من ثلاثين فصلًا تتوزع على خمسة أقسام. يناقش القسم الأول ضروب التعب كما تجلت في العصور الوسطى: تعب المحارب والمسافر وتعب العمل اليومي، وفي القسم الثاني يحلل الكاتب أشكال التعب المرتبط بتعقيد العصر الحديث في عالم القرنين السادس عشر والسابع عشر، والابتكارات التي شهدها، وقد انفتح على نطاق تعب جديد متعدد تجاوز المشقة البدنية وانفتح على إعياء داخلي صِرْف بسبب البؤس والوهن تحول في النهاية إلى «ضجر صامت». وجاء القسم الثالث تحت عنوان: «الأنوار وتحدي الحسي» واستعرض تطور «التعب» في القرن الثامن عشر الذي وسَّع من طيف أصنافه الممكنة وكذلك أساليب مقاومتها. وهكذا ارتبط التعب في هذا القرن بفكرة التحدي؛ باعتباره آلية للإرادة تتصدى من خلالها لأي إحساس بالإنهاك قد يعيق التقدم المنشود.
ويبحث جورج فيغاريلو في القسم الرابع من الكتاب في صنوف التعب خلال القرن التاسع عشر الذي عمل، من جهة، على تعزيز قيمة الفرد وتأكيد دوره الإيجابي في مجتمعه.
أما القسم الأخير من هذا العمل البحثي الرصين فكان مجاله القرنين العشرين والواحد والعشرين، وفي هذا السياق، وكما يشير الكاتب، أصبح التعب والضعف المتزايد وعدم الرضا الغامض من أبرز سمات وجودنا خلال هذه الأيام.
العنوان: تاريخ التعب، من العصر الوسيط إلى أيامنا هذه
المؤلف: جورج فيغاريلو
ترجمة: محمد نعيم
الناشر: صفحة سبعة للنشر والتوزيع
عام النشر: 2023م
عدد الصفحات: 521 صفحة
ردمك: 9786038387498
إعداد: د. أيمن عبدالهادي