إطلالة

القافلة الأسبوعية.. قصة "مطبوعة "في الذاكرة

القافلة الأسبوعية.. قصة "مطبوعة "في الذاكرة

في النسخة الأخيرة من المنتدى السعودي للإعلام، قدّمت ورشة عمل عن أهمية المطبوعات المؤسسية، وأعني بها المطبوعات الورقية والإلكترونية، التي تصدرها المؤسسات والمنظمات والشركات وتسلط من خلالها الضوء على نشاطاتها ومنتجاتها وخدماتها، متضمنة معلومات وقصصٍ وأخبارٍ وآراء متنوعة. وتتراوح هذه المطبوعات بين التقارير وكتب طاولات القهوة والمجلات المحكّمة، إلى المجلات المتخصصة والنشرات الإخبارية.

واليوم، لا يكاد يخلو موقع إلكتروني لأي منظمة سواءً كانت عالمية أو إقليمية أو محلية من قسم لمطبوعاتها. ويمكن تتبع تاريخ نماذج منها إلى منتصف العقد الثاني من القرن العشرين. فمثلاً، تنشر الوكالات المتخصصة للمنظمة الدولية الأكبر والأشهر منذ القرن العشرين، الأمم المتحدة، مطبوعات متنوعة بشكل منتظم منذ عقود، ومنها على وجه الخصوص؛ المجلات والنشرات الإخبارية. فمثلًا، تصدر وكالة اليونسكو منذ ١٩٤٨م «رسالة اليونسكو» بست لغات اليوم. والأمر نفسه ينطبق كذلك على الشركات الدولية مثلاً، كوكا كولا، وشيفرون، وبي بي، وفي السنوات الأخيرة آبل بأسلوبها المبتكر، والكثير من النماذج الأخرى.

وعند البحث في هذه النماذج وتاريخها، يستنتج الباحث أن من أهم الأسباب التي تدفع هذه المنظمات للمحافظة على مطبوعاتها، وأن تكون جزءًا مهمًّا من استراتيجيتها في التواصل مع جمهورها، وأن تحرص على استمرار صدورها بانتظام لعقود من الزمن، هو أن هذه المطبوعات تمثّل وسيلة للمحافظة على ذاكرتها التنظيمية (تُسمى أيضًا الذاكرة المؤسسية)، بما تتضمنه من المعرفة الضمنية، التي تحوي تجارب موظفيها وخبراتهم أو ذكرياتهم؛ تلك التي لا تُوثق غالبًا ويطويها النسيان مع مرور الزمن. ويمكن لأي متخصص في إدارة المعرفة أن يؤكد كيف يمكن أن تكون الذاكرة التنظيمية مصدرًا للقوة والتميّز في الحاضر والمستقبل.

وما لفت نظري أثناء البحث لإعداد محتوى الورشة في هذه النماذج الدولية وتتبع تاريخها، هو فرادة نموذج (القافلة الأسبوعية)، التي أتشرف بكتابة هذا المقال فيها. فهذه المطبوعة -وشقيقاتها «ذا أريبيان صن» و«أرامكو وولرد» ومطبوعات أرامكو السعودية الأخرى- مثّلت نموذجًا فريدًا في الموثوقية وحافظت بقدرٍ كبير على هويتها ومحتواها، والأهم في استمراريتها لما يقرب من سبعة عقود دون انقطاع، في حين تعرضت أغلب النماذج الدولية الأخرى لتغييرات وانقطاعات في فترات زمنية، مثل «رسالة اليونسكو» التي توقفت بين عامي ٢٠١٣-٢٠١٧م وتغيرت على مر السنين، سواء في المحتوى أو الشكل.

لقد بقيت هذه «المطبوعة» في ذاكرة الكثيرين عبر ثلاثة أو أربعة أجيال، واضطلعت بدور قد لا يكون له بديل في نقل جزءٍ من الذاكرة التنظيمية؛ فنحن اليوم نستطيع بكل سهولة استدعاء هذه الذاكرة، وبالطبع نتذكر سلسلة «مع الموظفين في أعمالهم» في الأسبوعية، أو «معهم في أعمالهم» في مجلة القافلة، وما هذان إلا مثالين فقط.

 

بندر الحربي، كاتب ومترجم سعودي.
زاوية إطلالة مخصصة لنشر مقالات الكتّاب من خارج أرامكو السعودية.

 

 
Photo

You are currently using an older browser. Please note that using a more modern browser such as Microsoft Edge might improve the user experience. Download Microsoft Edge