مدينة دوبروفنيك الكرواتية، لؤلؤة البحر الأدرياتيكي وجنة الأرض

شهدت مدينة دوبروفنيك الأبية فترات عاصفة عبر التاريخ، فقد تعرضت لقصف مدفعي مدمر في حرب الاستقلال الكرواتية. وتتمتع هذه المدينة الساحلية الهادئة بهندسة معمارية ساحرة، ومناظر ساحلية فاتنة تجعل منها الوجهة الأكثر شعبية في دول البلقان، فقد تغنّى الشاعر اللورد بايرون بهذه المدينة واصفًا إياها بلؤلؤة البحر الأدرياتيكي، ووصفها الأديب جورج برنارد شو أيام شبابه بجنة الأرض.  

وتُعد المدينة القديمة في دوبروفينك بجدرانها العريقة وأسقفها البرتقالية وشواطئها الصخرية ذات المياه الفيروزية المركز التاريخي لها وقلبها النابض، وفيها الكثير مما يستحق الاستكشاف وعديد من التفاصيل الأخّاذة. 

لكل زاوية من زوايا المدينة قصة

"سترادون" هو الشارع الرئيس الذي يمتد على طول المدينة القديمة بأكملها، وقد رُصف بالحجر الجيري في عام 1468م، مما أكسبه منظرًا لامعًا يشبه الرخام بعد قرون من الاستخدام، ولا يخفى على أحد التناظر بين المباني التي تقع على الجانبين وتتساوى في الحجم والأبعاد.

وستنتقل بك أي خطوة جانبية خارج الطريق العام إلى صيدلية عمرها 700 عام، داخل دير الفرانسيسكان الذي يعود للقرن الرابع عشر، حيث يُحتفظ بأكثر من 2000 وصفة ما بين أدوية عادية ومُركبات ومستحضرات سرية.

وعندما تبدأ الشمس في الغروب، يجب ألا يفوتك المشي بمحاذاة جدران المدينة القديمة التي حمت المدينة من الغزاة على امتداد التاريخ، فثمة مناظر مذهلة من الأعلى لعديد من الحصون التي يعود تاريخها إلى العصور الوسطى والبحر المفتوح الذي يليها. ويقع قصر ريكتور وسط المدينة القديمة، وهو من معالم الهندسة المعمارية المدنية البارزة الذي كان فيما مضى مقرًا للحكومة، ويُعد اليوم أهم مبنى عام.

ولرؤية مدينة دوبروفنيك من الأعلى، عليك الصعود إلى قمة جبل سرد حيث يطل الجزء العلوي منه على المدينة والبحر الأدرياتيكي. وفي قمة الجبل، ستجد مبنى قديمًا يسمى حصن إمبريال الذي بناه الفرنسيون مطلع القرن الثامن عشر للمساعدة في الدفاع عن المدينة خلال الحروب النابليونية. 

أماكن ساحرة عصيّة على النسيان

وسيجد زوار مدينة دوبروفنيك عديدًا من الشواطئ التي يمكن استكشافها، فبالقرب من الميناء يوجد شاطئ بانييه وهو أشهر شاطئ من الحصى بإطلالة خلابة للمدينة القديمة، أما باسيتشا فهو شاطئ ضيق من الحصى يتمتع بموقع رائع عند قاعدة جرف صخري شديد الانحدار، ويمكن الوصول إليه عبر ممر طويل بعض الشيء يمتد عبر الصخور في بعض الأماكن، وثمة سلالم تؤدي إلى هذا الشاطئ. ويقع شاطئ كهف بيتينا شرق المدينة القديمة، وتحيط به قباب صخرية على الساحل الصخري.

ويوجد مدخلان للمدينة القديمة من خلال بوابتين هما بوابة بايل وبوابة بلوتشي، وتعرف بايل أيضًا بأنها موقع حصن لوفرينناتز، وهو حصن ساحر يعود تاريخه إلى القرن الحادي عشر، وهذا الحصن مشيّد على صخرة كبيرة تطل على البحر الأدرياتيكي، وهو معزول عن المدينة الرئيسة ويُعد أحد أكثر معالم دوبروفنيك إبهارًا. أما بوابة بلوتشي فهي بوابة شرقية يسهل الوصول منها إلى الميناء الجميل في المدينة القديمة حيث يمكنك ركوب قارب للوصول إلى جزيرة لوكروم القريبة.

وتستحق جزيرة لوكروم الساحرة التي تقع مقابل المدينة القديمة مباشرة الزيارة أيضًا، ويمكن بلوغها بعَبارة خلال 10 دقائق فقط، وتحتضن هذه الجزيرة فصائل نباتية فريدة ومجموعات من الطاووس وشواطئ نقية وأطلالًا لدير بنديكتن.
وتعتبر زيارة مدينة دوبروفنيك رحلة عبر التاريخ، فمشاهدة جدرانها الرخامية وهي تكتسي ظلالًا مختلفة طوال اليوم، والشعور بنسيمها الذي يهب من أعلى جدرانها سيظل ذكرى جميلة لا تفارقك ما حييت.