منتدى مبادرة مستقبل الاستثمار
الناصر: علينا أن ندعم حل معضلة التحوّل في قطاع الطاقة من أجل العالم بأسره
"مفهوم النهج الموحّد الذي يلبّي رغبة الجميع في مرحلة التحوّل في قطاع الطاقة غير مقبول".
كانت تلك هي الرسالة الرئيسة التي ألقاها رئيس أرامكو السعودية وكبير إدارييها التنفيذيين المهندس أمين الناصر، على الوفود في مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار في دورته السابعة، الذي نُظم في أكتوبر الماضي بالرياض.
وأثناء حديثه في جلسة نقاش تحت عنوان «إعادة توازن معادلة الطاقة العالمية»، اغتنم الناصر الفرصة ليسلط الضوء على تناقض واضح بين دول الشمال العالمي ودول الجنوب العالمي ليوضح مدى تعقيد الصعوبات الحالية التي تكتنف التحوّل في قطاع الطاقة العالمية.
وانضم إليه في الجلسة كل من هينريك أنديرسن، الرئيس وكبير الإداريين التنفيذيين لشركة فيستاس، وجينيفر هولمقرين، الرئيسة التنفيذية لشركة لانزا تك، وباتريك بوياني، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة توتال إينرجيز. وأدار الجلسة جون ديفتيريوس، المحرر السابق للأسواق الناشئة في قناة «سي إن إن».
دول الجنوب العالمي
وقال الناصر: "يجب علينا أن ندعم حل معضلة التحوّل في قطاع الطاقة من أجل العالم بأسره. ولكن تبنّي منهج موحّد يلبّي رغبة الجميع، أمر غير مقبول، بل يجب أن يأخذ التحوّل بعين الاعتبار مدى النضج الاقتصادي لمختلف الدول".
واستشهد الناصر بالقدرة على تحمل التكلفة كأحد المسائل الرئيسة في القيام بعملية تحوّل منظمة وعملية في قطاع الطاقة لدول الجنوب العالمي، التي ينحصر فيها معنى البقاء الاقتصادي بالنسبة للعديد من الناس في القدرة على تحمل تكاليف الحياة اليومية.
ويُقصد بدول الجنوب العالمي، الاقتصادات متخلفة النمو، والاقتصادات النامية في قارات مثل أفريقيا وأمريكا اللاتينية وآسيا، التي يسكنها 85% من العالم، يعيش ما يقارب نصفهم على أقل من دولار واحد في اليوم دون وجود مصدر كهرباء دائم يمكن الاعتماد عليه. وتستهلك المنطقة التي تشمل الهند والصين، قرابة 80% من إنتاج العالم من الطاقة حاليًا- مع توقعات بارتفاع النسبة إلى 90% بحلول عام 2050م. وقال الناصر إنه من المتوقع أن يكون هناك ملياري مستهلك جديد للطاقة، 98% منهم في دول الجنوب العالمي بحلول عام 2050م.
وأوضح الناصر: "إذا لم تكن مصادر الطاقة المتجددة ميسورة التكلفة على (دول الجنوب العالمي)، من المحتمل أن يتوجهوا لأي مصدر طاقة ميسور التكلفة. نحتاج إلى تحوّلًا منظمًا وعملية تأخذ بعين الاعتبار أغلبية سكان العالم الذين تبلغ نسبتهم 84% (دول الجنوب العالمي)، ولا تصب تركيزها على الـ 16% فقط (دول الشمال العالمي)، ولذلك نحتاج حلولًا للجميع".
ولضمان عملية تحوّل واقعية ومنظمة وعملية، أوضح الناصر أنه يجب على قطاع الطاقة إبقاء تركيزه على معقولية التكلفة والأمن، ومناقشة موضوع الاستدامة في الوقت نفسه.
تحوّل متعدد السرعات
"إذا نظرت للطاقة الشمسية وطاقة الرياح على سبيل المثال، فإنها تشكل ما نسبته 5% من إجمالي مزيج الطاقة. بينما يشكل النفط والغاز والفحم، مجتمعين، ما يزيد عن 80% تقريبًا (من مزيج الطاقة)".
"ولنقوم بذلك التحوّل نحو الطاقة المتجددة، فإننا بحاجة إلى إطار زمني معقول حتى تتم عملية التحوّل، بدلًا من الإصرار على إطار زمني غير منطقي في وقت تكتنفه أوضاع اقتصادية غير مواتية ولا يمكن للعديد من الدول تحمل تكلفته".
"ويجب أن تكون هنالك عملية تحول متعددة السرعات، وإلا لن نتمكن من الوفاء بطموحات 2050م التي نسعى إليها".
وفي بداية الجلسة، سأل ديفتيريوس المتحدثين: كيف يمكن للعالم تحقيق تحوّل منطقي في قطاع الطاقة؟ وأجاب الناصر: "إن الوفاء بالنمو القائم على الطلب أمر ضروري، لا سيما مع احتمالية ازدياد قوة الاقتصاد العالمي قريبًا". واستشهد بالطلب غير المسبوق على النفط الخام هذه السنة، الذي تراوح بين 102 إلى 103 ملايين برميل في اليوم، على الرغم من مواجهة العديد من الاقتصادات الكبرى لظروف اقتصادية صعبة، وعلى الرغم من أن ثمة سياسات نقدية صارمة، ومعدلات فائدة مرتفعة، ما زالت تؤثر على الطلب على النفط الخام.
وقال الناصر: "الطلب مرتفع، ولذلك يجب أن تتأكد من توفر مصدر طاقة كافٍ ومتاح وميسور التكلفة. ولهذا السبب نستثمر في خلق قدرة إنتاجية إضافية للنفط والغاز، ونواصل في الوقت نفسه استثمارنا في الحلول الممكنة منخفضة الكربون، مثل الهيدروجين الأخضر والأزرق".
وفيما يخص الهيدروجين، أوضح الناصر أن أرامكو مستعدة وقادرة على توفير مصدر الطاقة الهيدروجينية، ولكن يجب أن يكون هنالك طلب عليه، ويجب التغلب على التحديات المتعلقة بالتكلفة.
وقال إنه بالرغم من «الكلام المعسول» عن الهيدروجين، إلا أن تكاليفه الحالية تعني أنه من «الصعب» على العملاء أن يوقعوا اتفاقيات لشرائه، وبالتالي فإن إنشاء البنية التحتية اللازمة له أمر مهم من أجل خفض تكاليفه، ويتطلب كل ذلك الاستثمار.
وكانت جهود أرامكو في توفير طاقة موثوقة للعالم جليّة، حيث استعرض الناصر أولويات الشركة الاستراتيجية، وسلط الضوء على العمل الذي قامت به الشركة بالفعل نحو خفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري.
الدورة الثامنة والعشرون لمؤتمر الأطراف
وفي الختام، نوّه الناصر أن مؤتمر الأمم المتحدة القادم بشأن التغيّر المناخي الذي سيُنظم في دبي، قد يقدم فرصة لقطاع النفط والغاز لتسليط الضوء على جاهزيته لتنفيذ مشاريعه التي يمكنها أن تدعم تحوّلًا منظمًا في قطاع الطاقة.
وقال الناصر: "هذا القطاع بحاجة إلى أن يكون طرفًا في الحوار.» وهو ما لم يحدث في المؤتمرات السابقة للأطراف، ولكننا تلقينا وعودًا أننا سنشارك في الحوار بصورة أفضل في الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف. نحن في مكانة يمكننا من خلالها أن نقدم شيئًا فيما يتعلق بالحلول المناخية الممكنة، وأن ننفذ الخطط، ونساعد في تحقيق الحياد الصفري بحلول عام 2050م".
شرح الصورة أعلى الصفحة: الناصر خلال جلسة النقاش يوضح وجوب تركيز قطاع الطاقة على معقولية التكلفة والأمن، ومناقشة موضوع الاستدامة في الوقت نفسه.