كان هناك شبه إجماع من قبل الجماهير والنقاد في وسائل الإعلام السعودية، قبل بداية بطولة كأس العالم، أنه من الصعب جدًا أن يحقق منتخبنا الوطني الفوز خلال مشاركته في كأس العالم؛ وذلك بسبب صعوبة المجموعة، حيث ضمت أسماء منتخبات لها قيمتها الفنية العالية في كرة القدم. وكان المطلب الوحيد هو أن يُقدم منتخبنا مشاركة مشرّفه. ومن وجهة نظري، فإن مشاركة منتخبنا كانت ناجحة بناءً على ما وضعناه من معايير قبل بداية البطولة، ولكنها كانت محبطة جدًا في الوقت ذاته، إذا ما نظرنا إلى المعايير التي وضعناها بعد الفوز التاريخي الذي حققناه أمام الأرجنتين والأداء الكبير الذي قدمناه أمام المنتخب البولندي.
لم نتخيل أبدًا أن ننتصر على ميسي وعلى منتخب الأرجنتين المرشح للّقب، ولهذا؛ كان للفوز طعمٌ آخرٌ. فالفوز الذي أراه أكبر فوز سعودي في تاريخ كرة القدم السعودية، والذي قد يصعب تكراره على المدى القريب.
حققنا في هذه المشاركة أمرًا مهمًا، ألا وهو كسر حاجز الخوف الذي كان يلاحق منتخبنا في كل مشاركاته العالمية والآسيوية. كما اكتسب اللاعبون خبرة أكبر في هذه المشاركة، حيث سيُبنى على ما اكتسبوه من مهارات وخبرات عند التحضير لبطولة كأس العالم المقبلة في عام ٢٠٢٦م، التي سنشاهد من خلالها بزوغ نجوم جدد ورحيل نجوم هم جزء من المنتخب السعودي حاليًا، وذلك لبناء منتخب جديد من اللاعبين الشباب قادرين على تحقيق البطولات، حيث نملك جيلًا سعوديًا أُسس خير تأسيس ويحتاج أن يُعطى فرصة. وقد يشارك المنتخب الذي سنبنيه في البطولة التي نحلم أن تقام في السعودية عام ٢٠٣٠م، في استضافة ستعكس حجم السعودية في المجال الرياضي وقدرتها على استضافة مثل هذه الأحداث.
ولدعم قيادتنا الرشيدة دور محوري في تحقيق النجاح داخل أرضية الملعب وخارجها، حيث وُفّرت جميع احتياجات الاتحاد السعودي لبناء إستراتيجية محكمة للمنتخب السعودي، بدءًا من توفير الكوادر المتميزة، ووصولًا إلى الأمور المالية التي تلعب دورًا رئيسًا ومحوريًا في كرة القدم في الوقت الحالي، حيث تختصر الأموال الكثير من الوقت والجهد المبذول على المشاريع التي يخطط لها الاتحاد السعودي ووزارة الرياضة، والتي أصبحت تركز على البنية التحتية للتجهيز لملف ٢٠٣٠ الذي ينتظره الشارع الرياضي السعودي بقوة.
استطعنا بقيادة الاتحاد السعودي العودة بقوة لهرم الكرة الآسيوية، والكل يتطلع الآن بفارغ الصبر إلى البطولة التي غابت عن الكرة السعودية منذ عام ١٩٩٦م، وهي بطولة كأس آسيا، حيث ستُقام في عام ٢٠٢٣م، وستكون آخر بطولة للجيل الحالي، الذي حقق نجاحات مهمة على مستوى التصفيات، ولكنه بحاجة للقب يعيدنا إلى القمة من جديد، قبل أن نبدأ عملية بناء منتخب سأطلق عليه اسم «منتخب ٢٠٣٠»، الذي سيشارك في بطولة كأس العالم لعام ٢٠٢٦م وبطولة كأس آسيا لعام ٢٠٢٧م. وستُقام بطولة كأس آسيا لعام ٢٠٢٧م في السعودية، لتكون بذلك أول حدث رياضي كبير على مستوى رياضة كرة القدم تستضيفه السعودية.
من جهة أخرى، فإن الدوري مستمر في التطور، كما تضع وزارة الرياضة معايير عالية جدًا لتحقيق الحوكمة الرياضية التي ستصنع فارقًا كبيرًا في رياضة كرة القدم السعودية. ومنتخبنا منتخب مشرّف، أبهر العالم في دولة قطر، والجمهور السعودي جمهور شغوف بكرة القدم جعل من جملة «وير از ميسي» شعارًا للجماهير العالمية في كأس العالم.
لذلك، نحن نسير في الطريق الصحيحة، ونتطلع دائمًا إلى أن نكون في مقدمة دول العالم في شتى المجالات، ومنها الرياضة؛ لنعكس مكانة المملكة العربية السعودية التي كانت وما زالت وستستمر بمشيئة الله في الصدارة.
نواف العقيل، كاتب ومحلل رياضي.
زاوية إطلالة مخصصة لنشر مقالات الكتّاب من خارج أرامكو السعودية.