سعيد بالإجازة؟ ومستعد للانطلاقة؟ حتى وإن لم يتبقَ من إجازة المدارس سوى أسبوع أو أسبوعين؟ حسنًا؛ أطلق عنانك إلى حيث شئت من المرح، ولا تكدرن مزاجك رطوبة أغسطس ولا حره.
تبدأ الخيارات لديك من حيث تقف بقدميك وحتى آخر مكان من العالم. فقط عليك أن تختار ما شئت منها؛ فعلى بعد خطوات من قدميك تكثر أو تقل، ستكتشف أو لعلك أيقنت منذ زمن طويل أن المولات الكبيرة والقريبة منك تشكل حلًّا وملاذًا ممتعًا ومبهجًا، خصوصًا في أغسطس، مهما بكى زجاج واجهاتها بدموع تتطاول خطوطها المتعرجة عموديًّا وكأنها نسق من فن الجداريات، لا من حزن ألمَّ بها من قلة الزائرين، وإنما من فرط تكاثف الرطوبة عليها.
لكن نعمة التكييف في الداخل حتمًا ستعيد لمزاجك ارتفاعه وتحليقه من جديد.
لسنا في سواحل الخليج أو في سواحل البحر الأحمر بدعًا من البشر، ولكن أغسطس يفرض طقوسه وأجواءه وهروبه على بقاع كثيرة من العالم.
الأوروبيون الذين نذهب إلى بلدانهم في كل صيف، على سبيل المثال، هم من أكثر الشعوب تقديسًا لمفهوم السياحة والاستجمام، ويجدون في أغسطس فرصة سانحة للذهاب إلى حيث تكون الأجواء أكثر دفئًا وإشراقًا.
فعلى سبيل المثال، لا تكاد في هذا الشهر تجد حجزًا على رحلات باريس جدة سيشيل، ولا حجزًا على رحلات لندن دبي ماليه. وقد لا تجد حجزًا في أغسطس في غرب المحيط على رحلات الكروز من ميامي إلى أرخبيل إكزوما في الباهاماز.
الشاهد من ذلك كله أن الملاذات من أجواء أغسطس ليست موسومة بمنطقة جغرافية دون أخرى، وليست بالضرورة أن تكون بعيدة أو مكلفة، بل قد تكون قريبة منا أحيانًا لمن يعرفها أو يعرف كيف يختلقها بذكاء.
من الممكن أن تذهب إلى الشاطئ اليوم، لا لتقف أمامه وتتفرج عليه و«تتقهوى»، فحر أغسطس لن يسمح لك بذلك، وإنما لتنغمس فيه وتلهو وتقسم أيمانًا مغلظة: ألا خروج من الماء.. ألا خروج من الماء!
استمتع كثيرًا في الشاطئ أنت وكل أفراد أسرتك، ولا تكترث لقناديل البحر الصرعى بالمئات على طول امتداد الشاطئ من حر أغسطس، فلقد اقتصَّ منهم الشهر شر اقتصاص، بعد أن سرحوا ومرحوا فيه وسيطروا عليه، ومنعوا البشر من السباحة فيه طوال فترة التكاثر السنوية التي بدأت منذ منتصف شهر مايو حتى منتصف شهر يوليو، دون حسيب أو رقيب من سلحفاة بحرية أو سمكة تونة في الجوار!
لنلتفت قليلًا إلى وسائل الجذب السياحي المحلية، ولنركز على عنصرين يجيدان التعامل مع أجوائنا الصعبة، ولا نضع الناس في حيرة أمام أفراد أسرهم كل صيف.
فالمولات التجارية المتكاملة التي تحوي الفنادق ومدن الألعاب المائية والثلجية المغطاة والمكيفة، والسياحة البحرية وما تشكله من الشواطئ المعيارية والشاليهات التي تحقق معايير الخصوصية الفعلية التي تناسب مجتمعنا، ومراسي القوارب متكاملة الخدمات هي ما يبحث عنه الكثيرون اليوم هنا في هذا الصيف.
ختامًا، استغرب ممن يعيدون في منتجعاتهم صبغَ الخطوط الأرضية لبعض الشوارع ثلاث مرات في العام، وهم أنفسهم لا يوفرون الحد المقبول من معايير السلامة على الشواطئ التي تخصهم ويلعب فيها أبناؤهم الصغار، فشواطئ أغسطس خير وأولى من شوارعه.
عبدالرحمن أبوالجدايل، هيئة التحرير.
ترحب القافلة الأسبوعية بمشاركة الموظفين في الكتابة لزاوية إضاءة، وذلك لتعميم الفائدة من خلال ما يطرح فيها من أفكار متنوعة تعبّر عن آراء كتّابها. cw@exchange.aramco.com.sa
