في مطار هيثرو، أكبر المطارات البريطانية، وثالث أكثر مطارات العالم ازدحامًا من ناحية حركة المسافرين، وبعد تدقيق جواز السفر الخاص بي، وبعد أن استقر ختم الخروج من بريطانيا في إحدى صفحاته، انتبهتُ إلى أنني أضعتُ مجموعة الهدايا التي ابتعتها من المطار، وهنا توجهتُ إلى أقرب موظف بحثًا عن حل لمشكلتي، حين فاجأني بقوله: إن كنتِ محظوظة، ستجدين تلك المقتنيات!
وأتذكر جملتي الأثيرة التي أرددها دائمًا: نعم، أنا محظوظة! وبالفعل تخطيت ثلاث محطات بين تفتيش وتدقيق وإعادة ختم للجواز، لأجد هداياي في انتظاري، وأعود سعيدة بانتصاري الذي لم يتوقعه ضابط المطار.
حقيقة، ليس لدي شك بأنني محظوظة دائمًا، وأنني أحظى بفرص عظيمة في الحياة؛ لذلك فإنني أعمل كثيرًا وبجد واجتهاد حتى أحصل على نصيب وافر من الحظ! وهذه حكمة كان يرددها ثالث رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية، توماس جيفرسون.
في عالم الشطرنج يقال إن اللاعب القوي دائمًا محظوظ، والواقع إن هذا اللاعب ظل يتمرن ويتمرن حتى وصل إلى ما هو عليه من قوة وتمكن ومراس. وهو ما يؤكد عليه الفيلسوف الروماني سينيكا من أن الحظ هو «تلاقي الفرص بالجاهزية»، موجهًا نصيحته الحكيمة بالتأقلم مع تقلبات الأقدار عن طريق توقع أسوأ ما يمكن أن يحدث، حيث يقول: «يبدأ الحكيم يومه معتقدًا أن الحظ لا يمنحنا شيئًا لنملكه فعلًا».
أما فيما يخصني، فلديّ قاعدتي الذهبية مع الحظ، فأنا لا أنتظر من الحياة أن تمطر علي بجودها، فالزاوية التي أنظر من خلالها للحياة غالبًا ما تحدد طريقة استجابتي لأحداث الحياة وطريقة تعاملي معها ومع الأشخاص الذين أتقاطع معهم.
كنت أعتقد أنني من اخترع هذه القاعدة، حتى أتى اليوم الذي وجدتني وجهًا لوجه مع كتاب (خوارق اللاشعور) لعالم الاجتماع العراقي المعروف علي الوردي، حين وصف أسرار القوة غير الملموسة التي نستطيع بها تحقيق أحلامنا وأهدافنا، وأن من يقوم بإدارة هذه القوة هو عقلنا الباطن اللاشعوري، الذي يعمل متى ما تجردنا من ذواتنا وجعلناها تعمل دون الخضوع لأي نوع من القيود.
أخيرًا، أريد أن أهديك هذا الخبر السعيد: الحظ يمكن صناعته إذا ما آمنت أن الكون مسخّر لك! لأنك حين تؤمن به، ستصنعه في واقعك.
لم أولد وفي فمي ملعقة من ذهب، لكنني استطعت تحقيق الكثير من أهدافي ولازلت مؤمنة بالحظ الوفير الذي يحيط بي ويبحث عني. والآن أخبرني: هل تؤمن بفكرة الحظ.
رائدة السبع: كاتبة سعودية.
زاوية إطلالة مخصصة لنشر مقالات الكتّاب من خارج أرامكو السعودية.