سلَّطت الضوء على المعلقات بلغات العالم في إكسبو دبي..
مشاريع الترجمة لمركز إثراء ومجلة القافلة تُسهم في تعزيز التواصل الحضاري
تُعد اللغة العربية من أهم السمات المميِّزة لشخصية الأمة العربية وتاريخها وثقافتها، وهي الأداة التي يصل بها الصوت العربي إلى كافة الأمم؛ ولما لها من ثقل ثقافي وحضاري، اتخذت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) يوم الثامن عشر من ديسمبر يومًا عالميًا سنويًا للاحتفاء بها، بعد قرارها باعتماد العربية لغة رسمية في المنظمة ضمن خمس لغات أخرى.
ومما لا شك فيه، أن تاريخ اللغة العربية يُعد تاريخًا زاخرًا بالعلم والمعرفة والتواصل الحضاري، ولهذا جاء احتفاء المنظمة بها لهذه السنة تحت شعار (اللغة العربية والتواصل الحضاري)، مؤكدًا الدور المهم لهذه اللغة في توطيد أصر التواصل الثقافي والحضاري بين الشعوب، بوصفها وسيطًا في نقل المعارف والعلوم وغيرها.
ويتماشى محور المنظمة الرئيس لهذا العام مع عدة مشاريع يقوم عليها مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي (إثراء) بالتعاون مع مجلة القافلة، ومن أبرزها مشروع (المعلقات لجيل الألفية)، الهادف إلى ترجمة المعلقات إلى عدة لغات، وكذلك مشروع (ترجمة العالم: الشعر المعاصر من المملكة العربية السعودية)، القائم على ترجمة نماذج مختارة من الشعر السعودي المعاصر، لتسليط الضوء على جوانب من ثقافة المملكة من منظور الشعر.
وقد حظيت الجهود المبذولة على هذا الصعيد، مؤخرًا، بنصيبها من الأضواء ضمن جناح المملكة المشارك في معرض (إكسبو دبي 2020)، الذي استعرض نماذج من قصائد المعلقات تحت شعار (المعلقات بلغات العالم)، ضمن برنامجه الثقافي المعروف بـ (16 نافذة)، إذ عُرضت ترجماتها إلى لغات عدة على شاشة ضخمة أمام آلاف الزوار؛ وذلك لإبراز ما تحمله هذه الروائع من عمق أدبي وثقافي وقيم إنسانية وجمالية. وتؤكد هذه الأنشطة جهود المملكة الحثيثة في مد جسور التواصل الحضاري، عن طريق ترجمة روائع الأدب العربي لتصل رسائلها السامية للعالم أجمع.
إبراز كنوز العربية
وفي هذا الإطار، قال رئيس وحدة المطبوعات في قسم النشر ومشرف مشاريع الترجمة، بندر الحربي: "يتناغم محور احتفاء اليونسكو باليوم العالمي للغة العربية لهذا العام مع المشاريع التي تُشرف عليها مجلة القافلة، بالشراكة مع مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي (إثراء)، والتي تؤكد دور القافلة المستمر منذ سبعة عقود في نشر المعرفة باللغة العربية وتعزيز وجودها الثقافي حتى في الثقافات الأخرى، وكذلك دور (إثراء) في تعزيز التواصل الثقافي الحضاري مع العالم".
وينصب تركيز هذه المشاريع على نشر ما تفيض به الثقافة العربية من جمال بترجمة أبرز كنوز اللغة العربية، ألا وهي المعلقات، التي تُترجم حاليًا إلى الصينية والفرنسية والإسبانية، بعد أن صدرت ترجمتها إلى اللغة الإنجليزية العام الماضي، مع الحرص على أن تتميَّز الترجمة بسلاسة لفظها ودقة نقلها؛ ليتسنى للجيل المعاصر فهم مكنوناتها والإبحار في معانيها. وتمضي هذه الجهود إلى جانب ترجمة نماذج من الشعر السعودي المعاصر، بهدف تعزيز الحوار الثقافي مع العالم.
وسعيًا لإيصال هذا الإرث العظيم لأكبر شريحة ممكنة، أشار الحربي إلى التوسع في جهود الترجمة بقوله: "تقديم إبداعات الشعر إلى الثقافات الأخرى من الوسائل الراقية في التواصل الحضاري، لذا رأى الفريق، بموافقة الإدارة وتوجيهاتها، أن نقدِّم للعالم مختارات من الشعر السعودي المعاصر، بالإضافة إلى التوسع في مشروعنا السابق (المعلقات لجيل الألفية)، الذي صدر في يناير 2021م، ليشمل لغات أخرى إلى جانب الإنجليزية؛ لإبراز هذه القصائد التي تُمثل جذور الشعر والكتابة العربيَين، إلى جانب تأكيد ديمومة الإبداع الشعري ومعاصرته".
نوافذ من الشعر الحديث
وتُنفَذ مشاريع الترجمة بإشراف فرق مختصة من الأكاديميين من عدة جامعات مرموقة. ويصف الحربي حماس المترجمين ومستقبل هذه المشاريع بقوله: "لا يسعني إلا أن أصف الحماس والشغف الذي يبديه المترجمون في التنفيذ بالمحفّز والمثير للإعجاب. وبناءً على الخطة فمن المتوقع أن يكتمل العمل في هذه المشاريع منتصف العام المقبل، كما سوف ندرس إمكانية التوسع فيها أكثر في المستقبل القريب، لتشمل الترجمة لغات أخرى، وتوظف وسائط عرض صوتية ومرئية متنوعة".
وعند الحديث عن مشروع (ترجمة العالم: الشعر المعاصر من المملكة العربية السعودية)، قالت محررة الكتاب، الدكتورة منيرة الغدير، وهي أكاديمية سعودية درست في جامعتي هارفارد وكولومبيا الأمريكيتين: "لنا أن نتخيل أن هناك من يتساءل في الغرب عن الموقع الجغرافي لشبه الجزيرة العربية على الخارطة، بما في ذلك المملكة؛ وأمام هذا الغياب وندرة المادة الثقافية الرصينة عن منطقتنا تبلور هذا المشروع، الذي سيُعرِّف بعدد كبير من الشعراء والشاعرات من المملكة وخاصة جيل الألفية، ويترجم مختارات من نصوصهم الشعرية، التي تقدم تمثيلًا جماليًا وثقافيًا عن العلاقة بالعالم".
وأضافت الغدير: "ستشرع هذه القصائد نوافذ للقارئ باللغة الإنجليزية ليتعرف على نوع آخر من الحوار الحضاري مع ثقافات العالم ورموزه الفكرية والفلسفية".
"تشرع القصائد الحديثة نوافذ للتعرف على نوع آخر من الحوار الحضاري مع ثقافات العالم. وبوهج الترجمة، نضيء في جهات العالم شعرًا" - منيرة الغدير
للاستماع إلى نماذج من المعلقات بلغات العالم برجاء الضغط هنا.