أرامكو السعودية ترسي بقيمة 10 مليارات دولار مقاولات المرحلة الأولى لتطوير حقل الغاز غير التقليدي الضخم في الجافورة
احتفلت أرامكو السعودية يوم الإثنين، 24 ربيع الآخر 1443هـ (29 نوفمبر 2021م)، وبحضور ومشاركة صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سلمان بن عبدالعزيز، وزير الطاقة، بتحقيق الجدوى التجارية في تطوير أعمال الغاز الصخري (غير التقليدي)، وهو حدث يتحقق للمرة الأولى بنطاق كبير خارج الولايات المتحدة الأمريكية.
وقد تواكب احتفال الشركة بإعلانها هذا مع بدء أعمال المرحلة الأولى لتطوير حقل الغاز الضخم وغير التقليدي في الجافورة، أكبر حقل غاز غير مصاحب في المملكة. وأرست الشركة مقاولات لتطوير مكونات الحقل في باطن الأرض، ومقاولات لمرافق صناعية تشمل أعمال الهندسة والتوريد والإنشاء بقيمة 10 مليارات دولار. ومن المتوقع أن تصل النفقات الرأسمالية في الجافورة إلى 68 مليار دولار خلال الأعوام العشرة الأولى من التطوير.
وفي كلمة له بهذه المناسبة، رفع سمو الأمير عبدالعزيز بن سلمان الشكر والعرفان إلى مقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، أيده الله، وإلى صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، حفظه الله، على الدعم والتمكين والمساندة التي حظي بها قطاع الطاقة في المملكة.
وأوضح سموه أن مناقشات مشروع تطوير حقل الجافورة فتحت الأبواب والآفاق لتطوير مفهوم مزيج الطاقة في المملكة، مما أدَّى إلى إطلاق برنامج شامل لمزيج الطاقة شاركت في إعداده أكثر من 17 جهة، مشيرًا إلى التمكين الذي تحظى به الشركات الوطنية مثل أرامكو السعودية، ومؤكدًا أنه ليس هناك شركة موارد هيدروكربونية في العالم ممكَّنة بمثل ما تحظى به الشركة من قِبل الدولة، ومن قِبل وزارة الطاقة بصفتها القائم بمصالح الدولة فيما يتعلق بمنطقة الامتياز.
آفاق أرحب لمستقبل الطاقة
ويمثّل المشروع علامة فارقة على صعيد التسويق التجاري لموارد الغاز غير التقليدية في المملكة، وعلى صعيد التوسع في محفظة أرامكو السعودية لأعمال الغاز المتكاملة، كما سيوفر اللقيم الإضافي اللازم لتحفيز التنمية الصناعية، وتنويع مصادر الدخل، ولمساندة تطوُّر أعمال الكيميائيات عالية القيمة والتكامل داخل أعمال الشركة. كما يشكّل المشروع عنصرًا أساسًا في توجُّه الشركة نحو الحياد الصفري وتعزيز الاستدامة بمواصلة التركيز على إنتاج الهيدروجين منخفض الكربون، والمساعدة على تقليل الانبعاثات في قطاع الطاقة المحلي من خلال توفير بديل أنظف للوقود السائل.
وفي ضوء حجم احتياطيات الغاز المتاح في باطن الأرض، الذي يقدّر بنحو 200 تريليون قدم مكعبة قياسية، يحتوي حوض الجافورة على أكبر طبقة غاز صخري غنية بالسوائل في الشرق الأوسط على مساحة 17 ألف كيلومتر مربع. ومن المتوقع أن يُنتج حقل الجافورة 200 مليون قدم مكعبة قياسية في اليوم من الغاز الطبيعي بحلول 2025م.
وبحلول عام 2030م، من المتوقع أن يصل معدل إنتاج الغاز المستدام إلى ملياري قدم مكعبة قياسية في اليوم، بالإضافة إلى كميات ضخمة من الإيثان، الذي يُعد الذهب الأبيض للتنمية الصناعية. ويستهدف المشروع إنتاج 418 مليون قدم مكعبة قياسية في اليوم من الإيثان، وكذلك إنتاج كمية ضخمة تبلغ 630 ألف برميل تقريبًا في اليوم من سوائل الغاز والمكثفات ذات القيمة العالية، التي تشكِّل اللقيم الأساس لقطاع البتروكيميائيات المتنامي، وهذا سيجعل المملكة إحدى أكبر منتجي الغاز الطبيعي في العالم.
ويمثِّل المشروع مقومًا أساسًا في إستراتيجية الشركة طويلة الأجل، ومن المتوقع أن يبلغ إجمالي استثمارات مشروع الجافورة الرأسمالية والتشغيلية أكثر من 100 مليار دولار خلال 15 إلى 20 عامًا مقبلًا. وتتوقع الشركة أن يُثمر برنامج الغاز غير التقليدي في حقول الجافورة ومنطقة شمال وجنوب الغوار عن توفير أكثر من 200 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة.
نحو تحقيق الحياد الكربوني
وقد أعلنت أرامكو السعودية، مؤخرًا، خطتها الطموحة التي تستهدف تحقيق الحياد الكربوني في النطاقين (1 و2) للغازات المسبّبة لظاهرة الاحتباس الحراري في جميع المنشآت المملوكة لها بالكامل بحلول عام 2050م. وسيُسهم حقل الجافورة في تحقيق الهدف الذى تسعى إليه المملكة لتلبية نصف طاقة إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة، وتلبية النصف الآخر من الغاز الطبيعي في إطار برنامج استبدال حرق الوقود السائل وتحقيق الحياد الكربوني على مستوى المملكة بحلول عام 2060م.
ومن المتوقع أن يُسهم برنامج الغاز غير التقليدي في أرامكو السعودية، عند بلوغ ذروة إنتاجه، في الاستغناء عن حوالي نصف مليون برميل من النفط الخام يوميًا، كانت ستُستخدم في الاستهلاك المحلي، فيما يُتوقع أن يُسهم مشروع تطوير حقل الغاز في الجافورة وحده، عند بلوغ ذروة إنتاجه، في الاستغناء عن أكثر من 300 ألف برميل من النفط الخام يوميًا.
وبهذه المناسبة، قال رئيس أرامكو السعودية، كبير إدارييها التنفيذيين، المهندس أمين حسن الناصر: "انطلاق هذا المشروع العملاق لتطوير ثروات الغاز الصخري يمثّل بداية عهد جديد في أعمال أرامكو السعودية، فنحن نشهد لحظة تاريخية وإنجازًا ضخمًا تم العمل عليه ليلًا نهارًا على مدى أكثر من سبع سنوات، وهو تحقيق الجدوى التجارية للموارد غير التقليدية الضخمة في المملكة".
وأضاف قائلًا: "إن الهدف الإستراتيجي من إطلاق برنامج الموارد غير التقليدية يتمثّل في استخدام الغاز الطبيعي بديلًا عن حرق النفط الخام، وذلك يعني توفير مزيد من النفط للتصدير وزيادة العائد منه. ومن المعروف أن الموارد غير التقليدية كالغاز الصخري لم تحقق النجاح التجاري على نطاقٍ كبيرٍ إلا في الولايات المتحدة الأمريكية لعدة أسباب. ولكن فريق العمل في أرامكو السعودية استطاع التغلب على التحديات التجارية والهندسية والفنية والبيئية المرتبطة بجدوى التطوير".
وواصل الناصر حديثه قائلًا: "لتحقيق ذلك، طورت الشركة نموذج عمل يختلف عن نموذجها المتبع في أعمالها الأخرى بحيث يكون لدى فريق التطوير مرونة وقدرة تتناسب مع طبيعة التحدي، وبالفعل تمكّن الفريق من خفض التكلفة إلى حدود الجدوى التجارية والتنافسية مع الأسعار في الولايات المتحدة الأمريكية. وقد كان لدعم وزارة الطاقة، وعلى رأسها سمو الأمير عبدالعزيز بن سلمان، أكبر الأثر في تحقيق ذلك".
وأردف قائلًا: "ممَّا يجعل مشروع تطوير الغاز غير التقليدي مهمًا هو أنه سيساعدنا كثيرًا ليس فقط في تحفيز المزيد من تكامل أعمال الشركة وتنوعها وتحقيق القيمة المضافة، بل أيضًا سيحفّز نهضة صناعية في المملكة، بإذن الله، وسيساعد بشكل كبير في تقليل انبعاثات قطاع الطاقة في البلاد، وسوف تستخدم أرامكو السعودية مزيدًا من النفط الخام في تطبيقات عالية القيمة. وتستهدف الشركة زيادة قدرتها الإنتاجية من الغاز بشكل كبير خلال الأعوام العشرة المقبلة لتلبية النمو المتزايد في الطلب على الغاز، وكذلك استخدام غاز الجافورة لقيمًا لإنتاج الهيدروجين منخفض الكربون والأمونيا".
تجسيد الأهداف على أرض الواقع
وأرست أرامكو السعودية 16 مقاولة لتطوير المكونات في باطن الأرض وأعمال الهندسة والتوريد والإنشاء بقيمة 10 مليارات دولار في معمل الغاز ومرافق ضغط الغاز في الجافورة، بالإضافة إلى البنى التحتية والمرافق السطحية المرتبطة بها.
وفازت شركات خدمات محلية ودولية بتلك المقاولات التي تغطي عديدًا من المشاريع الخاصة بتطوير المكونات فوق سطح الأرض وفي باطنها في برنامج الجافورة. وسيتيح ذلك تسليم الغاز والمكثفات بموثوقية من خلال شبكة مصممة خصيصًا لذلك الغرض، تضم معملًا لمعالجة الغاز، وشبكة لضغطه، وخطوط أنابيب نقل رئيسة، وخطوط تدفق، وخطوط أنابيب لتجميع الغاز يصل طولها إلى 1500 كيلومتر تقريبًا. ويشمل البرنامج كذلك إنشاء نقطة إمداد في الجافورة، وخطوط نقل وربط كهربائي بين معمل الغاز في الجافورة ومرافق الإنتاج المزدوج الجديدة.
وفي هذا السياق، قال النائب الأعلى للرئيس للتنقيب والإنتاج في أرامكو السعودية، الأستاذ ناصر النعيمي: "يمثِّلُ تطوير حقل الجافورة نقلة نوعية في برنامج الموارد غير التقليدية في الشركة، وباتت لدينا القدرة في الوقت الحالي على تطوير الحقل بكفاءة وربحية مع مراعاة أعلى معايير السلامة والمحافظة على البيئة".
وأردف قائلًا: "يعزز حقل الجافورة من عزمنا على تحقيق طموحاتنا المستقبلية، إذ تواصل الشركة استكشاف حقول جديدة، وكذلك إعادة تقييم الحقول القائمة، وتقييم الفرص الاستثمارية المشتركة في الغاز الطبيعي، وسوائل الغاز الطبيعي من أجل تحقيق هدف الشركة لتطوير محفظة أعمال غاز عالمية متكاملة لتلبية الطلب طويل الأجل على الطاقة والبتروكيميائيات".
واتساقًا مع برنامج أرامكو السعودية للتحوّل الرقمي، ستستعين الشركة في تطوير حقل الجافورة بالتقنيات المتقدمة للثورة الصناعية الرابعة، التي تضم إنترنت الأشياء وتحليلات مقاطع الفيديو، لتعزيز أعمال البناء والتشغيل والسلامة.
تجدر الإشارة إلى أن أرامكو السعودية قد أرست غالبية مقاولات تطوير المكونات في باطن الأرض في الجافورة ومقاولات الهندسة والتوريد والإنشاء على مقاولين يعملون في المملكة بمشاركة مقاولين ومزوّدي خدمات دوليين ذوي سمعة مرموقة. وتأتي هذه الخطوة في إطار جهود الشركة لمساندة تطوير قطاع الطاقة المحلي وشركاء سلسلة التوريد المحلية.
وسيستفيد برنامج تطوير حقل الجافورة من برنامج تعزيز القيمة المضافة الإجمالية لقطاع التوريد في المملكة (اكتفاء)، وذلك لتشجيع إيجاد القيمة على المنتج المحلي، وتعزيز النمو والتنوع الاقتصادي طويل الأجل إلى أقصى حدّ ممكن. وكانت أرامكو السعودية قد أطلقت برنامج "اكتفاء" في عام 2015م لتطوير قطاع طاقة متنوّع ومستدام، وقادر على المنافسة عالميًا.
وصف الصورة في أعلى الصفحة: صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سلمان بن عبدالعزيز، وزير الطاقة.