بين حياكة الخيوط وتداخل الزخارف..
"تفاصيل" نافذة "إثراء" على الأصالة والتنوع الثقافي
في حياكة نسجتها الخيوط وتداخلت فيها الألوان والزخارف، روى لنا معرض "تفاصيل"، ضمن فعاليات مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي (إثراء) بمناسبة ذكرى اليوم الوطني السعودي الـ 91، حكايات التنوع التراثي والأزياء في مختلف مناطق المملكة، حيث كانت تلك التفاصيل والأزياء نافذة بين الأصالة التاريخية والمعاصرة الحضارية التي أقامتها المجتمعات، وتنوعت بأسلوبها الفني الفريد.
وبرغم تنوع ثقافات المملكة، إلا هناك مشتركات متشابهة في الأزياء الشعبية لسكانها من حيث جمعها بين الزخارف والألوان. وما تزال هذه الأزياء تُرتدى في المناسبات الاحتفالية ذات الطابع التراثي، مثل أمسيات رمضان والأعياد والقرقيعان، التي تعد احتفالات اجتماعية يحتفي بها معظم سكان منطقة الخليج العربي، بالإضافة إلى مناسبات الأعراس، التي يغلب عليها الطابع التراثي التقليدي، فنجد العروس في ليلة الحناء ترتدي الثوب التقليدي المطرز بالزخارف والألوان.
ألوانٌ زاهية.. أسماء مختلفة
وتنوَّعت الأزياء التقليدية في المعرض لتأخذنا في لمحة سريعة عبر مناطق المملكة من حيث المسمَّيات والألوان، فنجد أن أزياء قبائل الحجاز في المنطقة الغربية تمتاز بوجود اللون الأحمر والأسود والأصفر، كما تُطرَّز بكثافة بخيوط الحرير الملونة، وتتنوع مسمَّياتها بين الثوب "المرفوع"، والثوب "النفيعي"، والثوب "المبقّر".
أما المنطقة الوسطى والمنطقة الشرقية فتتميَّز الأزياء فيهما بألوانها الساطعة ومسمَّياتها المتنوعة، مثل الثوب "المتفّت"، وثوب "التور"، وثوب "النقدة أو التلّي"، بالإضافة إلى ثوب "النشل أو المسرح". ومن ألوانها اللون الأخضر والأحمر والأزرق والبنفسجي والزهري والأسود. وتتنوع أقمشتها بين القطن والحرير والتل، وتُزخرف بالترتر وغُرز التطريز المختلفة بخيوط الحرير، بالإضافة إلى حياكة الزي بخيوط الذهب والفضة، التي تُعرف باسم خيوط "الزري".
وبحكم الموقع الجغرافي للمنطقة الجنوبية، وتميُّز مناخها بالبرودة، فقد اشتهرت بثيابها التي تُصنع من المخمل الأسود، وتُطرَّز بخيوط الحرير المشعِّة، التي يغلب عليها اللون الأحمر والأصفر، وخيوط القصب الفضية أو الذهبية. كما اشتهرت بالزخارف والأكمام الطويلة الضيقة، وتُسمَّى بالثوب "المكلف" أو "المحبوك". أما المنطقة الشمالية، فقد تأثرت أزياؤها بالبلدان المجاورة، ومن أهمها الزي العلوي المعروف "بالزبون"، وهو أشبه بالدقلة التي يرتديها الرجال عند أدائهم للعرضة.
هويةٌ ثقافية
وسلَّط معرض "تفاصيل" الضوء على تشابه العناصر الجمالية بين الملابس الشعبية السعودية من حيث الشكل العام والتطريز، واللمسات الفريدة التي تميِّز الأزياء التقليدية لكل منطقة، وهو ما يعود بنا إلى التاريخ القديم لاستكشاف الهوية الثقافية، ومعرفة التطورات العصرية التي طرأت على الزي التقليدي السعودي.
جديرٌ بالذكر أن للأزياء تاريخًا طويلًا وعريقًا يمتد إلى أعماق الحضارة وتتوارثه الشعوب، ومن يتأمل الأزياء التقليدية يجد في طياتها كثيرًا من المعلومات، فالأزياء بكل تفاصيلها مرآة تعكس لنا جوانب كثيرة نستطيع من خلالها معرفة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لتلك المجتمعات. كما نستمد منها جذورنا، ونرث ما تركه لنا أجدادنا من حضارة نطوِّرها لتتواءم مع متطلبات عصرنا.