أحمد السالم، شاعر سعودي، صدر له "الغرق باستخدام امرأة"، و"ماض إليّ برفقتي".
• صدر لك عملان يضمان قصائد لها الشكل الشعري النثري، ونصوص أخرى تقترب من أن تكون شذرات وتأملات فلسفية. لماذا اخترت مثل هذا التوجه الإبداعي، الذي يبدو وكأنه يمزج بين القوالب السردية فتتداخل الحدود التي تميِّز بعضها عن بعض؟
باعتقادي أن قراءات الكاتب الشخصية هي ما يحدِّد الشكل والنمط. وهذا نفسه يتغيَّر مع تطور المفاهيم والتجربة والنظرة الخاصة حول ما يفترض أن يكون الشكل الأنسب لرواية ما يُراد روايته. أحب في هذا المزج أنه يقترح مساحات أوسع من الفكرة لحرثها. وأعتقد أن الأشكال والقوالب في تبدُّل دائم، والتعويل يكون على القيمة، والفكرة التي يمكنها أن تبقى نابضة داخل كل قالب.
• وما مقدار الاختلاف بين التجربة الوجدانية التي أنتجت نصوصك في هذين العملين؟
لعل الاختلاف كان في الرؤية؛ فالتجربة واحدة، والمعايشة كذلك، لكن الزوايا لا نهائية والاستجابة تختلف مع الوقت. هناك أكثر من كلمة لقول الشيء نفسه، وأكثر من طريقة لإضاءة منطقة معتمة في الوجدان.
• تستخدم الاستعارات والمجاز اللغوي ولغة رمزية قد تحمل أكثر من معنى فتفتح مجالًا واسعًا للتأويل. ألا تخشى من أن يلف نصوصك بعض الغموض، وأن تحتاج إلى قارئ متمرس خبير مع هذا النوع من الكتابة الإبداعية؟
أعتقد أن هناك أرضًا مشتركة بيني وبين القارئ فيها على الأقل التصور الأول للفكرة قبل تشظِّيها. أسعى باستمرار ألَّا يكون الباب الذي يفتحه نصي للتأويل بابًا وهميًا/مخادعًا. ما دمت أُولِي الهاجس اهتمامًا حقيقيًا، لا يهم بعد ذلك أين تأخذ الواحد تفاسيره وتأملاته. لعله بذلك يكون قد كتب نصَّه هو.
• يغلب على نصوصك شعور بالحيرة والريبة، نقرأ كيف يصير ظل المرء وكأنه لآخر يتزاحمان على الوجود نفسه، وثمة تقاطع بين مفردات الحضور والغياب، والكلام والصمت، والحركة والسكون. هل يعكس ذلك رؤيتك الخاصة عن الواقع، وهل يتقاطع ما تكتبه مع بعض من سيرتك الشخصية، أم أنه يستند فقط إلى الخيال الشعري؟
كل كلمة في النص تستلهم ضدها، مثل الفعل ورد الفعل. هذه المتضادات هي التي تصنع المفارقات الشعرية الصغيرة. وأحسب أن هذه الحيرة مستمدَّة من الفكرة نفسها، لحظة القبض عليها أو تخيُّل ذلك. إقبال ثمَّ تمنُّع، وتكشُّفٌ ثم احتجاب. والخيال لا يخلو من حقيقة، ربما حقيقة مرفوعة إلى مقام أعلى. إنها محاولة مني لإضفاء بعض المعنى، أو معاودة عيش تجربة ما بطريقة أكثر تجرُّدًا وتفهُّمًا.
• لك تجربة في ما يُعرف بالنشر المسموع، ما تقييمك لها وهل تعتبرها أكثر ملاءمة لطبيعة المتلقي في عصر التطور الرقمي المتسارع؟
لا شك أن الصوت أحد طرق النشر المحببة. ربما لأن النبرة والطريقة والوَقفات الإيقاعية تغطي جانبًا أكبر مما يغطيه النص مكتوبًا أحيانًا. لكني على أي حال أفضل النص مكتوبًا؛ لأنّه باعتقادي لكل نص حالة خاصة عند كل قارئ، يخلق وحده عن طريقها موسيقى النص ويستثير ما خفي منه. بالنسبة لتجربتي، كنت قد اخترتُ قصيدة مؤثرة لشمس الدين الكوفي في رثاء بغداد، أمَّا الصورة فكانت حاضرةً في ذهني، والصوت كان بمثابة إطار يحاول خلق جو القصيدة العام ورسم حدود الصورة بعفوية.
• هل ستفكر مستقبلًا في كتابة الرواية، أم ستظل مخلصًا للكتابة الشعرية رغم ما تواجهه من أزمة تتمثل في عدم تحمس الناشرين بشكل عام لنشر الشعر مقارنة بنشر الرواية والقصة القصيرة؟
أظن أن الفكرة والمشروع هما اللذان يفرضان الشكل والتصنيف. إذا اكتملت في رأسي صورة للرواية، أو داهمتني فكرة فلا أعتقد أني سأهملها. لكني الآن مشغول بما أكتبه، مستمتع بكتابة القصيدة، بمحاولة كتابة القصيدة، بتعلُّم كتابتها في كل مرة.