لكل إنسان ميول مهنية منذ صغره، وتتأثر هذه الميول غالبًا بالعوامل الاجتماعية، وكذلك بحاجات الأفراد ودوافعهم، كما تلعب القيم والعادات والمحيط الاجتماعي دورًا في التأثير على الأفراد وتحديد اختياراتهم المهنية.
ما زلت أتذكر مواقف مررت بها عندما كنت صغيرًا، حين كان لدينا خيال واسع حتى أثناء اللعب، وكان بعضنا يمثل دور المعلم والطبيب والمهندس والطيار، وحتى عندما نُسأل نخبرهم بأمانينا بأن نمارس إحدى هذه المهن مستقبلًا.
وفي هذا السياق، أتذكر كتابًا أهداني إياه زميلي العزيز حاتم الرحيلي، بعنوان «كيف تحدد وظيفتك وتخصصك الجامعي؟»، وهو كتاب يتحدث عن بعض المواقف والتجارب التي مر بها الكاتب في حياته الدراسية والعملية.
يتطرق الكاتب إلى ما نلاحظه كثيرًا عند تخرج أبنائنا الطلبة والطالبات من المرحلة الثانوية من علامات الحيرة والتردد على وجوههم، فهم لا يعرفون إلى أين يذهبون، ولا ما هي التخصصات المتاحة أمامهم، والبعض لا يعرف حتى أسماء الكليات التي تقبلهم.
ومن الأخطاء الكبيرة التي نلاحظها عندما يسأل الطالب أصدقاءه عما يريدون أن يتخصصوا فيه ويتأثر بميولهم. وبعض الطلاب يختار التخصص الجامعي بناءً على رغبة الأهل، وهذا دون شك خطأ كبير. وفي حقيقة الأمر، فإن الأصدقاء والأهل قد لا يعرفون قدرات الشخص وميوله ومهاراته.
لذلك ينبغي لنا كآباء أو كمرشدين أن نساعد الطلاب في هذه المرحلة على تعلم كيفية اختيار تخصصاتهم كي يتميَّزوا ويتفوقوا ويبدعوا فيها. والأمر ليس بتلك الصعوبة، فما علينا سوى إرشادهم إلى جمع المعلومات عن التخصصات التي يرغبون فيها، ومساعدتهم على القيام بذلك.
إن السبب الرئيس في حيرة الطلاب وترددهم في اختيار التخصص، كما يقول الكتاب، هو عدم امتلاكهم للمعلومات الكافية عن التخصص الذي يرغبون فيه، ولذلك تجد الطالب يسأل أصدقاءه أو أهله وأقاربه، لأنه لا يمتلك المعلومة. لكن جمع المعلومات الصحيحة أصبح متاحًا عن طريق الإنترنت، كما يمكننا أن نعين الطلاب بإرشادهم إلى أحد المتخصصين في التخصص نفسه، أو أحد الممارسين في الوظيفة.
والسؤال المهم والجوهري هنا هو ما طبيعة المعلومات التي ينبغي جمعها؟ علينا أن نجمع معلومات عن طبيعة التخصص الذي يرغب فيه الطالب، وأهم المواد التي تُدرس فيه، وعن الكليات التي توفره. وكذلك ينبغي معرفة أسماء الوظائف المتعلقة بهذا التخصص، ومدى توفر فرص التوظيف المرتبطة به، أي هل التخصص مطلوب في سوق العمل أم لا. ولا ينبغي أن نغفل عن طبيعة العمل في هذه الوظيفة، وهنا نستطيع أن نلجأ لأحد الموظفين في هذا التخصص.
كل إنسان لديه ميول ورغبة بالعمل في مجال معين، لكن معظم الطلاب يواجهون صعوبة في اكتشاف هذا المجال، فإذا نحن ساعدناهم على تحديد المجال الذي يرغبون فيه ويحبونه، تمكنوا من وضع أيديهم على أول الخيط في مسارهم الوظيفي، وأصبحوا قريبين من الخيار الأمثل بالنسبة لهم، وهو اختيار التخصص المهني أو الدراسي الذي يستحق أن يصرفوا فيه حياتهم، ويرونه جديرًا بذلك.
ترحب القافلة الأسبوعية بمشاركة الموظفين في الكتابة لزاوية إضاءة، وذلك لتعميم الفائدة من خلال ما يطرح فيها من أفكار متنوعة تعبّر عن آراء كتّابها.