يعمل الاقتصاد العالمي للنهوض وإنعاش الاقتصاد لما بعد الجائحة، مدعوما بالمساعدات الحكومية للمواطنين والأعمال، ومع هذا الانتعاش الاقتصادي شهد العالم تزايد الطلب على معظم القطاعات الاستهلاكية، حتى ظهرت مشكلة جديدة أدت إلى ارباك هذا الإنعاش، وتفاقم معدلات التضخم بصورة أكبر مما تصوره محللو الاقتصاد، وهي مشكلة نقص الرقائق والدوائر الإلكترونية.
هددت أزمة نقص الرقائق الإلكترونية قطاعات صناعية واستهلاكية عديدة، مثل الجوالات والسيارات وأجهزة الألعاب الترفيهية، حتى عمدت بعض الشركات لإزالة بعض المواصفات من سياراتها. فعلى سبيل المثال، أفادت التقارير أن شركة "نيسان" تخلت عن أنظمة الملاحة في السيارات التي كانت موجودة في السابق، في حين توقفت شركة "دودج" عن تزويد مركباتها الصغيرة بمرآة الرؤية الخلفية الذكية، ولم تعد شركة "رينو" للسيارات بوضع الشاشة الرقمية الكبيرة خلف عجلة القيادة في بعض الطرازات كما كان في السابق.
وتأتي هذه الأزمة في ظل الانتعاش الكبير لطلبات الشراء من المستهلكين ، حيث نمت مبيعات هؤلاء المنتجين بنسبة 11% في عام 2020، فقد أجبر الوباء الملايين على العمل من المنزل، مما أدى إلى زيادة الطلبات على الأجهزة الإلكترونية الشخصية التي تعمل بالدوائر الإلكترونية، مثل الأجهزة المحمولة والحاسبات الشخصية. وارتفعت صادرات الصين من أجهزة الكمبيوتر المحمولة بنسبة 9.8% في النصف الأول من عام 2020، لتلبية الطلب المفاجئ.
وما زاد في ارباك العرض والطلب هو توقع صانعو السيارات أن الوباء سيقلل من مبيعات السيارات الجديدة، فتم تقليل توقعات الإنتاج وألغوا طلباتهم لأشباه الموصلات نتيجة لذلك، لكن التباطؤ الوبائي كان أقل وضوحا مما توقعته شركات صناعة السيارات، وعاد طلب المستهلكين إلى الارتفاع مرة أخرى مع إطلاق الاقتصادات الكبرى للقاحات.
وهناك ما يشبه الإجماع على أن العرض سيظل ناقصًا طوال عام 2021، وتتوقع شركة "إنتل" المصنعة الرئيسية لتلك الرقائق الإلكترونية أن النقص سيستمر "بضع سنوات".
ويتوقع المحللون أنه سيكون هناك زيادة هائلة في الإنتاج بحلول نهاية عام 2021، وبعض الصناع بدأوا زيادة قدراتهم الإنتاجية حتى العام الماضي، لكن الأمر يستغرق ما يقرب من عام لبدء تشغيل المصانع الجديدة، إلى أن يتم التوازن من جديد.
