مع تطور الأجهزة الإلكترونية، والتنافس المحموم عليها بسبب وفرتها في مختلف الأسواق، وسهولة الحصول عليها، بات شائعًا أن نحمل معنا أكثر من هاتف، بهدف مسابقة الزمن لإنجاز الأعمال.
كما أصبح من المهم في كثير من الأحوال الاستعانة بهذه الأجهزة لأداء أكثر من مهمة في وقت واحد، وذلك حتى نتمكن من إنجاز المهام المدرجة ضمن قائمة الأعمال التي يتعين علينا إنجازها.
ولأن الهواتف الذكية، وغيرها من الأجهزة الحديثة، تتيح لك فرصة التعرف على سيل من المعلومات، فقد انتشرت عادة توزيع الانتباه بين المشي وبين هذه الأجهزة.
وقد أصبح من الشائع مثلًا أن تشاهد من يمارس نشاطه الرياضي، كالمشي، وفي يده هاتفه الجوال، ليكتب رسائل نصية، أو يشاهد مباراة تبث على الهواء مباشرة.
وعلى الرغم من أن أداء مهام مزدوجة في وقت واحد ربما يبدو طريقة جيدة لكسب الوقت، إلا أن الانشغال بأمر آخر أثناء المشي قد ينطوي على كثير من المخاطر.
عواقب وخيمة
لا شك أن كلَّا منا قد شاهد أشخاصًا تعرضوا لحوادث تعثر أو سقوط أو ارتطام بأشياء أثناء مشيهم، وكان السبب في ذلك انشغالهم بكتابة رسائل نصية قصيرة أو قراءتها، أو بتحديث حساباتهم في برامج التواصل الاجتماعي، أو ببساطة نتيجة عدم انتباههم الكامل أثناء المشي.
وقد يرى بعضنا أن هذه الحوادث مدعاة للضحك، لكنها ليست كذلك إذا نظرنا إليها من منظور أشمل، فهي قد تكون خطيرة وذات عواقب وخيمة؛ فمثلًا، قد يدخل أحد المشاة في مسار للسيارات نتيجة لانشغاله فيتعرض لحادث عنيف، فالسائقون لا يفترضون أن هذا الشخص مشغول، بل ربما لم يروه مطلقًا.
وقد أشارت الأكاديمية الأمريكية لجراحة العظام إلى أن أعداد الذين راجعوا عيادات الطوارئ بسبب انشغالهم بالهواتف الجوالة أثناء المشي قد تضاعف خلال الفترة الماضية.
ونظرًا لخطورته البالغة، أضاف المجلس الوطني الأمريكي للسلامة الانشغال أثناء المشي رسميًا ضمن تقريره السنوي، كأحد المسببات غير المقصودة لحالات الوفاة والإصابات الخطرة.
وربما يبدو لك أن الانشغال أثناء المشي ليس أمرًا خطرًا، لكن انظر حولك في الشوارع والمجمعات التجارية وعلى أرصفة المشاة، لترى أن كثيرًا من الناس مشغولون أثناء سيرهم، وأن عدم الانتباه إلى هذا الحد قد يشكِّل بيئة مناسبة لوقوع الحوادث.
كما قد تعتقد أن مثل هذه الحوادث لن تحدث لك، ولكن وفقًا لنتائج دراسة أجرتها رابطة حكام السلامة على الطرق السريعة الأمريكية، فإن 54% من الأشخاص الكبار الذين يستخدمون الهواتف الجوالة قد ارتطموا بشيء أو بشخص ما أثناء انشغالهم بها. لذلك، انتبه لما حولك أثناء سيرك، وأعط خطواتك انتباهك كاملًا.
المحادثات والموسيقى
ويُعد الدخول في مسار حركة المرور أثناء التحدث إلى صديق من التصرفات التي لا شك أن كثيرين منا قد فعلوها في وقت من الأوقات. لكن المشي أثناء إجراء محادثة قد يسبب من الانشغال ما يكفي للتسبب في حالة تعثر أو سقوط، أو ربما أسوأ من ذلك.
وعلى الرغم من أن التحدث عبر الهاتف الجوال من أكثر المسببات للانشغال أثناء المشي، إلا أن هناك كثيرًا من المسببات الأخرى، فقد تروق لك فكرة إعادة الاستماع إلى محاضرة تنوي تقديمها أثناء المشي، ولكن إذا زلَّت إحدى قدميك، فربما ينتهي بك الأمر إلى الإصابة بالتواء في الكاحل.
وربما يبدو الاستماع إلى الموسيقى طريقة جيدة لتمضية الوقت بسرعة، ولكنها قد تحجب عنك الأصوات التي تنبهك إلى الأخطار من حولك، من قبيل الحفر التي قد لا تكون عليها علامات واضحة، وربما لا تنتبه لها إذا كنت مشغولًا.
لذلك، فإن الانتباه التام لما حولك هو أفضل طريقة لحماية نفسك والآخرين. لا شك أننا لا نستطيع تجنب كافة مسببات الانشغال في العالم، لكننا يجب أن نبذل قصارى جهدنا للحد منها أثناء المشي.