المترجم هو كاتب الظل، هذه هي الخلاصة التي يؤكدها البرتغالي، كارلوس باتيستا، مؤلف هذا الكتاب، جاعلًا إياها عنوانًا له. ويضم هذا العمل مجموعة من المقالات التي تدور حول معنى الترجمة وأهميتها، وطبيعة دور المترجم في التعامل مع النص الأصلي، وترصد تصورات عدد من المترجمين حول هذا المفهوم الذي لعب دورًا رئيسًا في نقل الثقافة والتراث بين مختلف المجتمعات الإنسانية.
ويوضح مترجم الكتاب، محمد آيت العميم، في مقدمته له أنه يشبه المختصرات ويقترب من كتب الحكم، ففيه شذرات مركزة ونوادر لا تعدم حس الدعابة حول عالم المترجمين والمهتمين بهذا الشأن، تساعد في فهم ألغاز وأسرار هذه العملية.
الكاتب، الذي ولد ونشأ في فرنسا، يعمل هو نفسه مترجمًا للأدب البرتغالي، حيث ترجم عديدًا من الأعمال الإبداعية البرتغالية إلى اللغة الفرنسية، وهو يرى أن المترجم ناقل ومجدد في الآن نفسه، ويتمثل دوره في "كسر الصمت الذي يفصل بين اللغات والشعوب"، كما أن الترجمة "مغامرة" تتطلب مثابرة وجرأة واندفاعًا لـ "اقتحام الصيغ المناسبة"، وهي تمرين للذاكرة والخيال بحثًا عن المعنى الصحيح، وسعيًا لإدراك جمال لغة الانطلاق وجمال لغة الوصول.
ويرى المؤلف أنه ليست هناك قراءة "صحيحة" للنص الأصلي، وليس هناك تأويل رسمي له، ويمكن النظر إلى كل ترجمة لعمل ما بوصفها معادلة شخصية متنوعة تختلف من مترجم إلى آخر، فتتيح أكثر من فهم له.
والترجمة حسب المؤلف فعل تدريجي متطور، فالمترجم لا يمر من لغة إلى أخرى إلا بالتدرج، مثل الطفل الذي ينطق في البداية بلغة تقريبية، كلمةً فكلمة، ثم بعد ذلك يبدأ في تشكيل هذه اللغة من خلال معانيها المتفق عليها في بيئته.
وتحمل أقسام هذا الكتاب عناوين دالة يُعرِّف بها الكاتب موضوعه ويحدده جيدًا، فالترجمة هي "فن الحب" حين يتعلق المترجم بالعمل الأصلي ويشعر نحوه بعاطفة من نوع خاص تدفعه لملازمته، وهي "فن الخيانة" حيث "يخدم المترجم سيدين في الوقت نفسه" ويعيش "ازدواجية كبيرة"، حتى إنه يصير هو نفسه كائنًا غامضًا ومريبًا ومبهمًا.
والترجمة هي "فن الإغواء" حين يغوي النص الأصلي المترجم ويجذبه إليه حتى يفك طلاسمه، ويدفعه إلى التفكير في ما تخيله الكاتب الذي أنتجه. والترجمة هي كذلك "فن الفرار"، فالمترجم "تائه يضل عند كل حرف، حتى لم يعد له وجود".
العنوان: المترجِم كاتب الظل
المؤلف: كارلوس باتيستا
المترجم: د. محمد آيت العميم
الناشر: خطوط وظلال للنشر والتوزيع
عام النشر2021:م
عدد الصفحات 87 :صفحة
ردمك: 978-9923761786