رحلة إبداع عمرها 80 عامًا
تجسيد مفاهيم السلامة عبر فن التصميم
قد يكون اقتران الألوان والإبداع الفني بالسلامة في أعمال النفط والغاز أمرًا نادر الحدوث، ولكن إحدى مطبوعات أرامكو الجديدة، التي أصدرتها إدارة منع الخسائر، مؤخرًا، تجسِّد مثالًا رائعًا لذلك.
الكتاب الجديد، «أرامكو السعودية وفن السلامة»، يحتوي على مجموعة من الأعمال الفنية والرسائل التي أنتجتها الشركة في هذا الجانب على مدار ثمانية عقود مضت.
وقد صُمم كتاب السلامة هذا ليكون جذابًا للتصفح، حيث يتميَّز بحجم كبير وغلاف مقوى، وهو يستعرض الجهود الرائدة واسعة النطاق، التي قامت بها الشركة في سبيل نشر ممارسات العمل الآمنة.
وعلى الرغم من أن أرامكو السعودية ليست الشركة الوحيدة التي تُنتج محتوى معرفيًا حول السلامة بهدف تعزيز الوعي بين العاملين، إلا أنها تميَّزت في هذا الجانب من خلال توظيفها بشكل فريد لعناصر مختلفة في إطار رسائلها المتركِّزة على السلامة الصناعية، بما فيها الخدمات اللوجستية واللغة والثقافة والتاريخ.
ويمثِّل الكم الهائل من ملصقات السلامة والمنشورات والكتيبات والنشرات الإخبارية والمواد التسويقية، التي تصل إلى الآلاف، شهادة على إيمان أرامكو السعودية الراسخ بضرورة المحافظة على سلامة القوى العاملة لديها.
وعلى هذا النحو، يعكس هذا الكتاب تطور ثقافة السلامة في الشركة، من خلال الأعمال الفنية التي أنتجتها.
عقودٌ طويلة في رحلة السلامة
ويبدأ الكتاب من أربعينيات القرن الميلادي الماضي، وهو وقت لم تكن فيه المطابع الكبيرة موجودة في المملكة. ولم يكن الأشخاص الذين ابتكروا الصور الأولى فنانين، بل كانوا مهندسين استعانوا بتركيزهم على التفاصيل لإنتاج رسائل مرئية بارعة حول السلامة.
ولا يهدف الكتاب إلى نشر الوعي بالسلامة فحسب، بل إنه يجسِّد رسالة أرامكو السعودية منذ بداياتها في هذا المجال، التي تبنَّتها في مرافق أعمالها وفي أحيائها السكنية.
وفي هذا الصدد، يقول مدير إدارة منع الخسائر، الأستاذ غسان أبو الفرج: «إنه كتاب نفخر به للغاية، فهو يحتوى على كثير مما يمكن لنا أن نراه كقيمة راسخة في الشركة اليوم؛ جهودٌ دؤوبة، وسعيٌ نحو تحقيق مستوى معيَّن من التميُّز، ثمَّ المضيُّ بمجرَّد بلوغه نحو المستوى الأعلى».
«الكتاب يتقمَّص روح الشركة في الابتكار والإبداع، ويُبرز بوضوح أنها تبذل كلَّ ما يلزم من أجل تحقيق أهدافها». غسان أبو الفرج
ويقول أبو الفرج: «هناك أيضًا كثيرٌ من الألوان والحياة في الكتاب، وهذه الحيوية مُستمدة من الطاقة التي تكمن لدى الشركة والإدارة في يومنا الحاضر. كما أعتقد أن الكتاب هو تذكير بمدى التزام أرامكو السعودية الدائم تجاه مجتمعها في كافة شؤونها».
السعي نحو التميُّز
ريتشارد بارتلت، المحرر من وحدة الخدمات المساندة في إدارة منع الخسائر، نهض بمهمة تأليف الكتاب، حيث أوضح أنه لطالما كان مهتمًا بمراجعة محتوى السلامة الأرشيفي.
يقول بارتلت: «إنها بذرة نمت؛ لقد كان من المهم سرد قصة التطور فيما يرتبط بهذا الجانب».
وبالنظر إلى محتوى الكتاب، يضيف بارتلت: «الإبداع هنا لا يقتصر على مستوى الفن البارز في الصور ومفاهيمها، بل يشمل أيضًا الكيفية التي تمكَّن عبرها المشاركون في التصميم من تكييف المحتوى بدقة مع الظروف الخاصة بكل فترة زمنية، سواء فيما يتصل بالشركة، أو على صعيد المملكة أو العالم. لقد استمروا في فعل ذلك دون توقف». ويبيِّن بارتلت أن الشركة، خلال الثمانين عامًا الماضية، لم تتوقف في أي وقت من الأوقات عن إنتاج محتوى معرفي يستهدف تعزيز الوعي حول السلامة.
وبينما كان التركيز في البداية ينصبُّ على السلامة التشغيلية، أصبحت السلامة في الأحياء السكنية لأرامكو السعودية، وكذلك خارجها، جزءًا من نطاق التوعية المُستهدف أيضًا. وقد أظهرت الشركة حرصًا كبيرًا على السلامة في أحيائها السكنية، كما تبنَّت مفهوم رعاية السلامة في العمل وخارجه، وهو أمرٌ لم يكن مألوفًا على صعيد المنطقة في ذلك الوقت.
ويتبيَّن ذلك جليًا في أحد الأعمال الفنية التي تظهر في الكتاب، والتي تصوِّر الموظف ورجل الأُسرة على أنهما الشخص نفسه، الذي يُناط به دور محوري في المحافظة على السلامة. ويقول بارتليت: «كان السعي نحو التميُّز واضحًا في ذلك الوقت، وهو أمرٌ لا يزال جوهريًا فيما تُنجزه الشركة الآن».
«إن العمل الفني في الملصقات التي يعرضها الكتاب هو إلى حد كبير نتاج لما كان يحدث في ذلك الوقت، ولكنه أيضًا من نواح متعدِّدة سابق لعصره بكثير». ريتشارد بارتلت
يقول بارتليت: «كان هناك كثير مما يجب مراعاته عند تضمين أي رسالة في هذا المحتوى، بما في ذلك ما يتصل بشؤون الطباعة، والصعوبات التي قد تنشأ من ذلك، وكذلك ضرورة إنتاج الأعمال بلغتين، حيث لم يكن هناك مكان آخر يقدِّم هذا النوع من التوعية لجمهور يجمع بين المواطنين والمغتربين».
ويوضح بارتليت أن استخدام الفكاهة والدراما كان أمرًا واضحًا فيما مضى، مشيرًا إلى أن هذا الأسلوب كان يحقِّق الهدف المطلوب منه في ذلك الوقت.
الجمع بين الفائدة والمتعة
بدورها، قامت مصممة الجرافيك، بدور التميمي، من وحدة الخدمات المساندة بتصميم الكتاب، وتمثَّل هدفها الإبداعي في دعم العمل الفني دون إرباكه.
تقول التميمي: «لقد استخدمنا أسلوبًا بسيطًا إلى حد ما في التصميم. أردنا بشدة أن يكون الكتاب غنيًا بالمعلومات، وممتعًا للقراءة في الوقت نفسه، لينهمك فيه القارئ كما يحلو له، ويستطيع العودة إليه متى شاء».
وحينما تجيل طرفك في صفحات الكتاب، ستجد دون شك لمسات فنية مختلفة بين الصفحة والأخرى، ويشمل ذلك توظيف عناصر تصميم متنوعة، كالستائر المنسدلة، والرسوم الكاريكاتورية، وبعض التحذيرات المخيفة من غاز كبريتيد الهيدروجين. كما تضمَّنت التصاميم لاعبًا مشهورًا في كرة قدم السعودية، وبعض من شغلوا منصب نائب للرئيس أو مدير تنفيذي في مراحل سابقة من حياتهم المهنية.