هل نعي حقًا ما نحن بصدده مما بات يتهددنا من احتمال وإمكانية العودة إلى ما تركناه وراء ظهورنا واعتبرناه، في وعينا وفي لاوعينا كما تبين أيضًا، شيئًا من الماضي الذي قد نستحضره بين الحين والحين ونتأمله كما نتأمل صورًا قديمة تستجلب ذكريات مرت وانقضت بحلوها ومرها؟
هل نقدّر فعلًا ما يمكن أن يؤول إليه الأمر جرّاء إهمالنا وتهاوننا وتراخينا في اتباع إجراءات بالغة البساطة، يمكن أن تصبح (بل إنها قد أصبحت كذلك بالفعل لفترة من الزمن) جزءًا من روتين حياتنا اليومية؟
ربما قد نكون نجحنا في مرحلة ما في تحقيق انتصار حُقَّ لنا أن نفخر ونباهي به في معركة، وربما معارك حاسمة ضد الوباء، ولكن المؤكد أننا لم نكسب الحرب بعد ولم نخرج متوجين بالنصر المؤزر منها، لأنها بكل بساطة لم تنته بعد، ولا أحد يمكنه التيقن أو الجزم بتاريخ ما يتحقق فيه ذلك ولا التنبؤ حول ما إنْ كان ذلك قريبًا أو بعيدًا.
الجهات الحكومية الرسمية، وعلى رأسها وزارتا الصحة والداخلية، بذلت وما تزال تبذل جهودًا استثنائية في التصدي للجائحة التي دخلت طور التحول واتخاذ "أوجه" وأقنعة جديدة تنذر بمخاطر أكبر وتهديدات أعظم إن لم نكن على أعلى مستوى من الوعي واليقظة والحذر.
ولكن تلك الجهود العظيمة التي أصبحت مضربًا للمثل لن يكتب لها النجاح ولن تؤتي أكلها إن لم نكن جزءًا منها، مؤمنين بها ومنفذين لإستراتيجيتها وخططها. وكل ما نحتاجه لنكون كذلك هو أن نتبع الإجراءات الاحترازية البسيطة نفسها من لبس الكمامة بشكل دائم وغسل اليدين أو تعقيمهما بشكل مستمر والمحافظة على التباعد الاجتماعي.
ليكن فيما يجري حولنا في رقاع مختلفة ومتكاثرة من بلدان العالم القريبة والبعيدة عبرة لنا، ولنَعُدْ سيرتنا الأولى من الحرص والالتزام والحذر واتباع التعليمات بحذافيرها كي نسلم نحن أولًا كأفراد وكي نحمي أحباءنا ونكف الأذى عن مجتمعنا ونذبّ الشرور عن حياض وطننا.
والمؤسف أن بعض الناس يعلقون إهمالهم ولامبالاتهم على "شمّاعة الإيمان" والتسليم بالقدر، فتسمع الواحد منهم حين يصافح شخصًا آخر أو يحضنه أو حتى يقبله، يردد، تشجيعًا للطرف الآخر المتردد ربما لفعل المثل، الآية الكريمة "قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا"، متناسيًا الأخذ بالأسباب، وغافلًا أو ربما متغافلًا عن آية كريمة أخرى تقول "ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة".
عودة أرقام المصابين بالفيروس للارتفاع مرة أخرى في الأيام القليلة الماضية ينبغي أن تكون بمثابة جرس الإنذار لنا جميعًا دونما استثناء للعودة إلى ثكنات الاحتراز وإجراءاته المشددة والبسيطة التي اعتدنا عليها وألفناها كبارًا وصغارًا.
ليكن كل واحد منا خط الدفاع الأول عنا جميعًا، ولنكن كالبنيان المرصوص والجسد الواحد حتى تنجلي الغمة وتصبح هذه الجائحة شيئًا من ذكريات الماضي التي نحكيها لأبنائنا وأحفادنا وقد علت وجوهنا ابتسامة النشوة بالنصر على عدو نجحنا في دحره ورد كيده رغم شديد بطشه وخفاء مكره.
ترحب القافلة الأسبوعية بمشاركة الموظفين في الكتابة لزاوية إضاءة، وذلك لتعميم الفائدة من خلال ما يطرح فيها من أفكار متنوعة تعبّر عن آراء كتّابها.