لبعض المقولات التراثية التي ترددها الألسن أبعاد قد لا تخطر على البال لأول وهلة، ومن ذلك عبارة «اطلبوا الرزق عند تزاحم الأقدام». وفي صياغة أخرى: «البركة عند تزاحم الأقدام»؛ إذ تختزل هذه المقولة نظرية اقتصادية بسيطة وهي أن أكثر الأماكن ازدحامًا بالسكان ستكون أكثر الأماكن تحقيقًا للمبيعات والأرباح، نظرًا لكثرة الطلب وبالتالي ضرورة الحاجة إلى كثرة العرض، مما ينعكس إيجابًا على تحقيق الأرباح.
لكن مع تفشي كوفيد-19 في بداية عام 2020م، تباعدت الأقدام كرهًا لا طوعًا، وهو الخيار الوحيد والأنسب الذي تم اتخاذه على مستوى العالم مع تنوع الطرق والأساليب في هذا التباعد وذلك لتحقيق الهدف المنشود وهو السلامة من هذا الوباء الذي فتك بالملايين.
وفي أواخر عام 2020م استبشر العالم خيرًا بتلاشي هذا الوباء الذي أوقف العالم بأسره وأدى إلى انتكاسة قوية في اقتصادات العالم. وكانت المملكة العربية السعودية، ولله الحمد، من أولى الدول التي اتخذت إجراءات احترازية مشددة منذ بداية الجائحة وقدمت الغالي والنفيس لحماية مواطنيها والمقيمين على أراضيها.
وبعد فترة انتظار وترقب لم يطولا كثيرًا، اكتُشف اللقاح المناسب لهذا الوباء. وهنا وقفت حكومة المملكة موقفًا مشرفًا آخر يدعو كل مواطن للزهو والفخر ببلاده، فقد تم توفير هذا اللقاح بشكل مجاني للمواطنين والمقيمين، بل حتى من يقيمون بطريقة غير نظامية على أراضي الوطن في دليل وشاهد آخر على مدى تجذر ثقافة ومبدأ «الإنسانية» التي تجسدها هذه الأراضي المباركة.
ولكن، ولشديد الأسف، فإن ما يحز في النفس هي تلك التصرفات التي شاهدناها وما زلنا نشاهدها، مؤخرًا، من بعض اللامبالين بهذا الوباء، ممن يتصرفون وكأنهم يعيشون في كوكب معزول عن العالم! وما نعنيه هنا إهمالهم غير المسؤول للاحترازات الوقائية، وكذلك كثرة التجمعات والتزاحم في الأماكن العامة والأسواق والمقاهي، وكأن هذه الجائحة قد انتهت وأصبحت جزءًا من الماضي. وكانت نتيجة ذلك للأسف التزايد السريع في الحالات المصابة وعودة الأرقام العالية للمصابين بالرغم من انخفاضها خلال الشهور الماضية.
لا شك بأننا جميعًا نتمنى في كل لحظة تمر بنا أن نسمع الأخبار السارة والجميلة بنهاية هذه الجائحة، ولكن تصرفاتنا لا تعكس في حقيقة الأمر فحوى هذه الأمنية، بل إنها على خلاف ما نتمنى، وما الأرقام التي تصدر يوميًا من وزارة الصحة إلا أكبر دليل على ذلك.
لقد عشنا عام 2020م بحلوه ومره، بيسره وعسره، وواكبنا فيه عديدًا من الأحداث والآثار الصحية والاقتصادية التي خلفها كوفيد-19. وحينما شارف العام على الانتهاء، استبشر العالم خيرًا بالعام القادم، وكان لا يخلو مجلس أو مكان عن الحديث بأن عام 2021م سيكون أفضل، بإذن الله، من العام المنصرم، وما زلنا نقول إنه سيكون أفضل، بمشيئة الله، رغم الأخطاء التي حدثت من البعض والتساهل فيما يتعلق باتخاذ الإجراءات الوقائية.
أعزائي.. لنكن عونًا لحكومتنا في جهودها الجبارة التي ما فتئت تبذلها في مواجهة هذا الوباء باتباع الإجراءات الوقائية كالتباعد ولبس الكمامة وغسل اليدين. آملين أن تنقشع هذه الغمّة وتعود الحياة لطبيعتها ونتنفس الصعداء، بفضل من الله أولًا، ثم بوعي الجميع.
ترحب القافلة الأسبوعية بمشاركة الموظفين في الكتابة لزاوية إضاءة، وذلك لتعميم الفائدة من خلال ما يطرح فيها من أفكار متنوعة تعبّر عن آراء كتّابها.