أعجوبةٌ جيولوجية
حافة العالم تحتضن بداياتها العريقة تحت مياه «محيط التيثس القديم»
تشكِّل الصخور الكربونية منحدرات شديدة تحيط بمدينة الرياض كالقلادة، حيث تطوِّق العاصمة من حدودها الشمالية الغربية حتى حدودها الجنوبية الشرقية. وتشبه المنحدرات في شكلها منطقة «غراند كانيون» الواقعة في ولاية أريزونا الأمريكية.
وتتألَّف هذه المنحدرات المهيبة من أنواع صخرية مختلفة، وقد شهدت أحوالًا مناخية مختلفة.
وبدأت عملية ترسب صخور حافة العالم في بيئة بحرية تُعرف لدى الجيولوجيين بـ «محيط التيثس القديم»، الذي غطَّى النصف الشرقي من شبة الجزيرة العربية قبل 160 مليون سنة.
ويتساءل المدير التنفيذي لدائرة التنقيب، الأستاذ مسفر الزهراني، متعجبًا: «بيئة بحرية بالقرب من الرياض؟!». ويوضح قائلًا: «قد يشكك البعض في ذلك، ولكنها حقيقة لا يتسرَّب إليها الشك».
يقول الزهراني: «ألقِ نظرة خاطفة حولك عندما تكون في أي طريق متجه نحو المنحدرات، وستتمكَّن حتمًا من جمع أربعة أو خمسة أنواع على الأقل من الأحافير البحرية».
ويضيف الزهراني: «قد ترى في أعلى الأسطح المستوية شعابًا مرجانية كبيرة، وهذه المجموعات مماثلة تمامًا لتلك الموجودة بالقرب من الشواطئ اليوم. وبالتأكيد لم تسافر هذه المخلوقات البحرية كل هذه المسافة عبر الصحاري لتجد نفسها هنا».
إطلالةٌ أخَّاذة
وتُعدُّ حافة العالم، أو جبل فهرين، أكثر جزء مشهور في جرف طويق، الذي يمتد لمسافة 800 كيلومتر تقريبًا، من القصيم شمالًا إلى الربع الخالي جنوبًا. وقد اجتذب الموقع، مؤخرًا، مئات آلاف الزوار من المملكة وكافة أنحاء العالم.
وتقع حافة العالم على بُعد 90 كيلومترًا شمال غرب الرياض، وتشير علامات الطريق إلى المنطقة. هنالك طرق عديدة توصلك إلى المكان، ولكنها جميعًا تتطلَّب مغادرة السيارات للطرق المسفلتة في رحلة تتسلَّل عبر الصحاري الوعرة حتى الوصول إلى أعلى الجرف.
وبمجرد الوصول إلى هناك، يمكنك المشي على الأرض الصخرية والحصى حتى تصل إلى الإطلالة لتستمتع بالمنظر الأخَّاذ.
يقول الزهراني: «الوقوف على الحافة يمنح المرء شعور الطائر، حينما يستعد لنشر جناحيه والتحليق أعلى السهول المنخفضة الواسعة تحته».
ولكن مع مرور الزمن، هذه الجدران الصخرية الذهبية التي تقف بشموخ تحظى باهتمام مختلف، حيث حلَّل الجيولوجيون هذا القسم من العمود الطبقي، ليستنتجوا أنها تشكل صخور المصدر لأغلب النفط الموجود في حقل الغوار والحقول الأخرى في المنطقة.
وقد نزح النفط المتولِّد إلى وحدات صخرية أكثر ضحالة، ومنها التكوين العربي. وعلى الرغم من أن صخورًا مكشوفة مشابهة لها تُوجد في الرياض، إلا النفط لم يتراكم هناك لقلة وجود مصائد النفط.