اختار اللغة

الخويطر: استثمرنا في نظافة ما ننتجه قبل بروز الهواجس العالمية بشأن الانبعاثات

بقلم

جائحة كوفيد-19 جعلت العالم يعيد النظر في شؤون الطاقة والانبعاثات.

وأثناء منتدى الطاقة العالمي للمجلس الأطلسي، الذي انعقد بصورة افتراضية الأسبوع الماضي، تركَّز النقاش على التأثير الساحق غير المسبوق للجائحة على قطاع الطاقة.
وقد أجمع حضور المنتدى، الذي استُضيف في إطار أسبوع أبو ظبي السنوي للاستدامة في الإمارات العربية المتحدة، على أن عام 2021م هو عام محوري بالنسبة لقطاع الطاقة العالمي.

وقد ضمَّ الحدث، الذي عقده مركز الفكر التابع للمجلس الأطلسي، الذي يتخذ من واشنطن مقرًا له، بعض أبرز صناع القرار في العالم في مجالي الطاقة والسياسة الأجنبية، بهدف تبادل الأفكار حول أنظمة الطاقة العالمية، ودفع الهمم باتجاه موضوعات الطاقة العالمية الأكثر تداولًا.

واستُضيف اللقاء التمهيدي لهذا العام وسط أجواء متفائلة بالتنصيب الرئاسي في الولايات المتحدة الأمريكية، واشتمل على حوار خاص مع أمير ويلز، الذي قال إن تحقيق الاستدامة والربح معًا أمر وارد تمامًا.

ودعا أمير ويلز إلى تعاون إقليمي وعالمي للاستثمار في الطاقة المتجددة والصديقة للبيئة وإنتاجهما.

وكان كبير الإداريين التقنيين في أرامكو السعودية، الأستاذ أحمد الخويطر، من بين مجموعة المتحدثين الكبار والخبراء المرموقين الذين قدَّموا للمنتدى ما في جعبتهم من آراء.

تحولات وشيكة في قطاع الطاقة

من جانبه، قال المدير التنفيذي للوكالة الدولية للطاقة، فاتح بيرول: "الأصدقاء الحقيقيون يقولون الحقيقة المُرَّة، والحقيقة المرة تتمثَّل في أن التحولات الفعلية في قطاع الطاقة قادمة ووشيكة".

وأضاف قائلًا: "لا أعتقد أن أي دولة أو حكومة منتجة للنفط أو الغاز، كما هو الحال بالنسبة للشركات والأشخاص، بمنأى عن آثار التحولات التي ستنتج عن الطاقة النظيفة".

وقال بيرول، الذي قدَّم إحدى أكثر جلسات المنتدى إقبالًا: "انخفض الطلب العالمي على الطاقة بواقع 5% خلال عام 2020م، وكان هذا الانخفاض في الطلب أشد بسبع مرات من ذلك الذي زامن الأزمة المالية العالمية في عامي 2008م و2009م".

وعلى الرغم من أن الانبعاثات انخفضت بنسبة 7% خلال السنة الماضية إلا أن بيرول حذَّر من أن هذا الانخفاض لم يكن بسبب التغييرات في السياسات أو استثمار التقنيات الجديدة، بل إن ذلك يعود بالدرجة الأولى إلى التراجع الاقتصادي والجائحة، وأن هناك حاجة إلى سياسات جديدة إذا ما أردنا أن نشهد انخفاضًا مقصودًا للانبعاثات مرة أخرى.

وأكَّد بيرول أن الحاجة إلى النفط ستظل قائمة خلال المستقبل المنظور، قائلًا خلال حلقة نقاش: "سيظل العالم بحاجة إلى النفط والغاز لسنوات عديدة قادمة".

وأوضح بقوله: "تكلفة الإنتاج لدى معظم المنتجين في الشرق الأوسط، إن لم تكن لديهم جميعًا، متدنية وسيواصلون إمداد الأسواق بالنفط".

استثمارات الطاقة النظيفة في أرامكو السعودية

يمثِّل التخطيط لمستقبل الطاقة والانبعاثات فكرًا استباقيًا بالنسبة للعالم، ولكن التخطيط لمستقبل قطاع الطاقة ليس أمرًا جديدًا على أرامكو السعودية.

وتتمتع أرامكو السعودية، في ظلِّ موقعها كأكبر شركة مصدرة للنفط على مستوى العالم، بأدنى كثافة للانبعاثات الكربونية في قطاع التنقيب والإنتاج المرتبطة بإنتاج النفط لدى مقارنتها بغيرها من شركات النفط العالمية الكبرى.

وقال الخويطر، في معرض مشاركته في حلقة نقاش بعنوان "دور الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في تحولات الطاقة"، إن مسيرة أرامكو السعودية الطويلة في ريادة قطاع الطاقة تمثِّل تلك النظرة المستقبلية التي يحتاجها القطاع في يومنا الحاضر».

وقال الخويطر: "على مدى أعوام عديدة استثمرنا في نظافة ما ننتجه، وذلك قبل بروز الهواجس العالمية بشأن الانبعاثات بوقت طويل. وتُقدَّر الكثافة الكربونية بـ 10 كيلوغرامات من ثاني أكسيد الكربون عن كل برميل نفط ننتجه".

وفي سياق حديثه عن شبكة الغاز الرئيسة في المملكة، قال الخويطر: "منذ وقت طويل، في أواخر سبعينيات القرن المنصرم، استثمرنا بالدرجة الأولى في استخلاص الغاز المصاحب، الذي لم تكن له قيمة حينها، حيث كنا نفعل ذلك لأسباب تتعلق بالبيئة، ليتبيَّن لاحقًا أن استخلاصه له نتائج اقتصادية عظيمة".

نحو منتجات ذات محتوى كربوني أقل

وتخوض أرامكو السعودية منذ فترة طويلة مرحلة تحوُّل خاصة بها لتقليل الانبعاثات الكربونية من منتجاتها.

وفي هذا الصدد، قال الخويطر إن الشركة تنتقل إلى استخدام مزيج من المنتجات ذات الانبعاثات الأقل.

ويقف خلف هذ التحوُّل كفاءة إنتاج الشركة الحالي من المواد الهيدروكربونية، إلى جانب تحويل المواد الهيدروكربونية منخفضة الانبعاثات إلى مواد قيِّمة.

وقال الخويطر: "نحن نمضي نحو إنتاج أكثر كفاءة، ولذلك نستثمر في تعزيز كفاءة إنتاج النفط، وذلك يشمل استخدام الطاقة المتجددة إذا كانت خيارًا منافسًا من الناحية الاقتصادية".

أحمد الخويطر (الثاني من اليمين أعلى الصورة)، إلى جانب عدد من المتحدثين البارزين، أثناء مشاركته في حلقة نقاش بعنوان "دور الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في تحولات الطاقة"، وذلك ضمن منتدى الطاقة العالمي للمجلس الأطلسي، الذي انعقد بصورة افتراضية في إطار أسبوع أبو ظبي السنوي للاستدامة.

ما وراء الطاقة

وتطوِّر أرامكو السعودية استخدامات أخرى للمواد الهيدروكربونية ذات انبعاثات كربونية أقل، من قبيل المواد الكربونية عالية الأداء.

وتتمثَّل المواد المطلوبة في مرحلة تحوُّل قطاع الطاقة العالمي بشكل رئيس في البوليمرات والمواد الكربونية.

وقال الخويطر: "استخدامات المواد الهيدروكربونية تتعدى مجال الطاقة، ولدينا برنامج ضخم في مجال تحويل النفط الخام إلى كيميائيات".

وفي منتصف العام الماضي، استحوذت أرامكو السعودية على حصة أغلبية تبلغ %70 في الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك) من صندوق الاستثمارات العامة في المملكة، بمبلغ إجمالي قدره 259.125 مليار ريال (69.1 مليار دولار).

كما تدير الشركة أعمالها في مجال الكيميائيات الآن في أكثر من 50 دولة.

وقد جعل هذا الاستحواذ أرامكو السعودية منتجًا رئيسًا عالميًا للبتروكيميائيات، وعزَّز إمكانات الشركة في الشراء والتصنيع والتسويق والمبيعات.

طاقة خالية من الكربون

وفي عام 2015م، حازت أرامكو السعودية الريادة في مجال احتجاز الكربون والاستخلاص المحسَّن للنفط على مستوى منطقة الشرق الأوسط.

ومن المتوقع أن تنتج الشركة منتجات خالية من الكربون، مثل الهيدروجين الأزرق والأمونيا الزرقاء، من خلال تقنيات احتجاز الكربون واستخدامه وتخزينه.

وفي هذا الجانب، أوضح الخويطر أن الهيدروجين ازدهر أخيرًا، قائلًا : "تطوَّرت تقنية الهيدروجين تطورًا هائلًا خلال السنوات العشر الماضية".

وقال الخويطر إن تكلفة خلايا الوقود، التي تعد التقنية الرئيسة التي يعتمد عليها وقود الهيدروجين، أصبحت ذات جدوى اقتصادية أكبر.
وأضاف: "نعلم أن تكلفة الهيدروجين منافسة جدًا، لكن التحدي يتمثَّل في نقله إلى المستهلك".

وأوضح الخويطر أن هناك حاجة لوجود بنية تحتية حتى يمكن نقل الهيدروجين من مواقع إنتاجه إلى المستهلك بشكل اقتصادي.

وخلال العام الماضي، نجحت أرامكو السعودية في تصدير شحنة من الأمونيا الزرقاء تبلغ 40 طنًا إلى اليابان، ليُستفاد منها في توليد نوع من الطاقة عديمة الكربون.

وقال الخويطر: "كانت الفكرة وراء عملية التصدير هي إظهار إمكانية استخدام الأمونيا كوسيلة منافسة لنقل المواد الهيدروكربونية المتجددة أو الخالية من الكربون إلى الأسواق".

وأضاف: "أظن أن نوع العمل الذي نقوم به الآن هو الذي سيفتح الأبواب أمام الهيدروجين على نطاق أوسع؛ وبالتالي سيكون خيارًا منافسًا من الناحية الاقتصادية إلى جانب الهيدروكربونات".

وواصل الخويطر حديثه قائلًا: "إذا استطعنا نقل الطاقة نفسها من خلال الهيدروجين، أو ناقل للهيدروجين مثل الأمونيا، فسنحصل على القيمة نفسها من موادنا الهيدروكربونية".

أسبوع أبو ظبي للاستدامة

جديرٌ بالذكر أن منتدى الطاقة العالمي للمجلس الأطلسي يُعدُّ حدثًا مهمًا يحدِّد جدول أعمال الطاقة للسنة المقبلة، ويُعقد سنويًا بالتزامن مع أسبوع أبو ظبي للاستدامة.

وكان المشاركون في المنتدى بالإضافة إلى الخويطر هم: المدير التنفيذي لشركة مصدر للطاقة النظيفة، يوسف العلي، ووزيرة الطاقة والثروة المعدنية في الأردن، معالي المهندسة هالة عادل زواتي، ورئيس شركة شنايدر إلكتريك في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، كاسبر هيرزبرغ، والباحث الزميل في المجلس الأطلسي، جون فرانسوا سيزك.

 

عقودٌ من تبني ممارسات العمل المدروسة في أرامكو السعودية أسهمت في انخفاض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري وتدفُّق الربحية، وذلك عبر كل من:
■ إدارة المكامن.
■ الحدِّ من حرق الغاز عبر الشعلات.
■ كشف تسرُّبات الميثان وإصلاحها.
■ كفاءة الطاقة.