يعتقد بعض الناس أن القائد في موقع العمل لديه كل الحلول لما تخوضه الشركة أو الإدارة من النزاعات الصغيرة حتى الصراعات الكبيرة. صحيح أن القادة قد اعتادوا على حل المشكلات فور ظهورها، إلا أنه من غير المنطقي أن نتوقع من أي شخص أن تكون له القدرة على حل المشكلات أو الإجابة على جميع الأسئلة. كلنا نفهم ذلك في حياتنا اليومية. ومع ذلك، عندما تُطرح الأسئلة في أماكن العمل، يشعر العديد من القادة بأنهم مضطرون للإدلاء بإجابات فورية.
لكن الحقيقة هي أنه عندما يجيب القادة بسرعة كبيرة، يحصل المرؤوسون على مثال غير واقعي للقيادة الجيدة. هناك أيضًا احتمال كبير بأن تكون الإجابة الفورية خاطئة.
وفي نفس الوقت، عندما يختلف المرؤوس مع قائده حول إجابة معينة أو يطرح حلًا آخر، يصبح الوضع غير مريح للقائد أو المرؤوس أو لكليهما، وقد يفشل أحدهما في فهم الآخر فيحدث الخلاف، وقد يؤثر ذلك على جميع العاملين.
ربما يعتقد بعض القادة أنهم يتواصلون بشكل جيد مع الآخرين، وربما يعتقدون أنهم يديرون اجتماعات رائعة، بينما يشعر المرؤوسون بعدم الانسجام الكافي أو عدم المشاركة. ومن سمات القيادة الجيدة ملاحظة ذلك والتوقف عنده والبحث وراء أسبابه.
إذًا لماذا يحصل هذا النوع من الاختلاف بين تصورات القادة عن أنفسهم وبين واقع الأمر؟
يتفق معظم خبراء القيادة على أن السمة الأساس للقادة الفاعلين هي أنهم يعرفون من هم وما الذي يمثلونه. وأن أهم قدرة للقادة تكمن في تطوير الوعي الذاتي لديهم. فعندما يفهم القائد نفسه بعمق، فإنه يدرك مواطن قوته وضعفه، حتى يعرف الناس ما يمكن توقعه منه. ولكي يكون القائد واعيًا بإمكاناته، فعليه أن يدرك الجوانب المختلفة لطبيعته، مثل سماته الشخصية والعواطف والقيم والمواقف والتصورات، وتقدير كيفية تأثير سلوكه على الآخرين. ويشمل الوعي الذاتي التعامل مع النزاعات والتغلب عليها، وتقبّل النقد البناء من الآخرين.
عندما يكون القائد مدركًا لكل تلك الأمور، فإنه يعرف نفسه جيدًا وبذلك فإن أي خلاف في وجهات النظر يصب في صالح دعم الموظفين ونجاح الشركة أو الإدارة بأكملها، والمثال التالي يثبت صحة وجهة النظر تلك، فعندما أصبحت شارلوت بيرز، الرئيسة السابقة والرئيسة التنفيذية لشركة Ogilvy & Mather Worldwide، مشرفًا إداريًا لأول مرة، اعتبرت نفسها قائدة ودودة ومتفهمة، لكنها صُدمت عندما أخبرها أحد أصدقائها أن أحد زملائها وصف أسلوب إدارتها بأنه عدواني. كان هذا التعليق مفاجئًا لبيرز لأنه كان عكس الطريقة التي كانت تفكر بها عن نفسها تمامًا. وهناك كثير من القادة مثل شارلوت بيرز ، لديهم نقاط عمياء تمنعهم من رؤية ما هم عليه بالفعل وتأثير أسلوب تفكيرهم وسلوكهم على الآخرين. والنقاط العمياء بشكل عام هي الأشياء التي لا يدركها القائد والمشكلات التي لا يكون واعيًا بها، رغم أنها تحد من فاعليته وتعيق نجاحه الوظيفي، بغض النظر عن مواهبه وما يحققه من نجاح في عمله.
نحتاج أن نضع في اعتبارنا أن معظم الناس لا يتوقعون الكمال من قادتهم، لكنهم يتوقعون قائدًا مدركًا، معترفًا بما هو عليه، وقادرًا على فهم نفسه أولًا ليسهل عليه فهم الآخرين، فهو لا يريد إثبات شيء لنفسه أو للآخرين، حتى يحظى بفريق عمل قوي.
ترحب القافلة الأسبوعية بمشاركة الموظفين في الكتابة لزاوية إضاءة، وذلك لتعميم الفائدة من خلال ما يطرح فيها من أفكار متنوعة تعبّر عن آراء كتّابها.