أعزائي موظفي وموظفات أرامكو السعودية،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وكل عام وأنتم بخير،
ونحن نتطلع بكلّ أمل وتفاؤل إلى العام الجديد 2021م، يطيب لي أن أتوجه لكم جميعًا بخالص الشكر والتقدير على جهودكم المتميّزة وتفانيكم الكبير في أداء أعمالكم، وعلى التضحيات التي بذلها كثيرون منكم خلال العام الماضي، الذي فرض علينا جميعًا استكشاف أساليب جديدة لمواصلة أعمالنا.
لقد كان عامًا صعبًا بكل المقاييس في جميع أنحاء العالم .. تعددت فيه الإصابات، وكَثُرَت فيه الاحترازات الوقائية، وافتقدنا فيه نمط حياتنا المعتاد وممارسة نشاطاتنا المحببة، وتواصلنا مع الأهل والأقارب، وكذلك زياراتنا للأصدقاء، ومشاركاتنا في المناسبات الاجتماعية. كما أن القيود المفروضة على السفر والتنقل أثرت على خطط الكثيرين منا .. وبالنسبة لقطاعات الأعمال المختلفة حول العالم فقد تأثرت بشدة. ومع ذلك فقد تكيّفتم مع تلك الأوضاع العصيبة بصورة مذهلة. وكلي فخر بكم وامتنان لكم، فقد حافظتم على استمرار الأعمال في جميع مرافق الشركة، وحققتُم رقمًا قياسيًا في إنتاج النفط في شهر أبريل لم يسبق للشركة عبر تاريخها العريق تحقيقه، وقد تم ذلك، بحمد الله، بسجل رائع في السلامة. لقد سمعت العديد من القصص المؤثرة التي ستبقى في ذاكرة الزمن لزملاء لنا اختاروا البقاء في مواقع العمل في تلك الظروف الصعبة بعيدًا عن أسرهم، حتى يظلوا دون أي اختلاط خارجي فيستمر العمل بلا توقف.
وبينما أدى الإغلاق الذي سببته الجائحة إلى بقاء أعداد كبيرة من منسوبي الشركة خارج المملكة، تعاضدت جهود 16 إدارة في الشركة لعمل ترتيبات لوجستية غير مسبوقة، بنطاق عالمي، وبالتنسيق مع الجهات الحكومية لعودة 2500 من الموظفين وأفراد أسرهم والطلبة المبتعثين من 30 دولة حول العالم للمملكة في إجراءات ميسرة ومأمونة. وهناك الكثير والكثير من المواقف التي شاهدناها جميعًا خلال عام 2020م ولا يتسع المقام لسردها هنا، وقد عكست الكرم والنبل الإنساني والأداء الاستثنائي المعتاد من موظفي وموظفات الشركة.
أما العاملون في قطاع الرعاية الصحية بالشركة، فقد حققوا نجاحاتٍ باهرةً كشفت عن روح الشجاعة والإصرار في مواجهة ذلك العدو الجديد الخفيّ، الذي أصاب العالم بالشلل. فبرغم التحديات وضبابية الصورة التي صنعتها الجائحة، لم تفارقنا فكرة مواصلة العمل والإنجاز لتحقيق مستقبلٍ أفضلَ للجميع. وما يعنينا هنا أن التجارب والاختبارات والضغوط التي مرت بها الشركة عبر تاريخها، ساعدت أكثر من أي وقت مضى على توطيد العلاقات بين أسرة أرامكو الواحدة التي تشمل موظفي الشركة في جميع مناطق المملكة وكذلك في آسيا وأوروبا وأمريكا ولذلك، فإنه يحق لنا جميعًا أن نشعر بالفخر والاعتزاز بما أنجزناه معًا في عام 2020م.
وكما تعلمون، فقد اضطلعنا خلال العام 2020م بمسؤوليات جديدة وجسيمة، بعد أن تحولت أرامكو السعودية في نهاية 2019م إلى شركة مساهمة مدرجة في السوق المالية. كما نجحنا في يونيو 2020م في الاستحواذ على نسبة 70% من الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك) وضمها إلى مجموعة الشركات المنتسبة لأرامكو السعودية، وهو ما يعد علامة فارقة في رحلة الشركة لبناء قطاعٍ ذي مواصفات عالمية في مجال الكيميائيات، ونجحنا أيضًا في توسعة نطاق استخدام المواد اللامعدنية في أعمالنا ومشاريعنا، وقطعنا شوطًا في تطوير ابتكار تقنية تحويل النفط مباشرة إلى كيميائيات، وصدرنا لليابان أول شحنة في العالم من الهيدروجين، وهذه أجزاء مهمة من برامج وحلول كثيرة تنفذها الشركة لمكافحة التغير المناخي.
وعلى صعيدٍ آخر حققت أنشطتنا في مجال المواطنة آفاقا جديدة، من خلال تقديم مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي (إثراء)، برامج مبتكرة تتلاءم مع ظروف الجائحة وبقاء الناس في منازلهم، كبرنامج عيد الفطر الذي وصل للكثير من الناس في منازلهم، والبرامج الثقافية الافتراضية، وزيادة التركيز على المحتوى الرقمي في برامج إثراء التواصل، فيما استمرت برامج التطوع وتبرعاتكم السخية والأعمال الخيرية تساند الشرائح التي هي في أمس الحاجة لها. كما كان لمواقع الشركة والشركات المنتمية لها حول العالم جهد مشكور في دعم المجتمعات المحيطة بها.
وإذا كان عام 2020م قد مثّل اختبارًا لمرونة الشركة وقوة تحمُّلها، فإنني على يقين بأن العام الجديد سيمثل اختبارًا لحيويتها وقدرتها على التكيف، في ظروف ذات متغيراتٍ سريعة ومتلاحقة، فالقدرة على التكيف تعني استمرارنا في تنويع أعمالنا وأنشطتنا، ومواصلتنا تنمية قطاع الكيميائيات بشكل كبير مع تعزيز قدراتنا بصفتنا المنتج الرائد الأكثر كفاءة وموثوقية في مجال الطاقة.
كما أن القدرة على التكيف تعني تصاعد الجهود في تنفيذ أجندة الاستدامة، ودعم التقنيات والابتكارات الواعدة التي تساعدنا على تحقيق ذلك، وترسيخ الدور المحوري الذي تضطلع به الشركة في تنمية الاقتصاد العالمي لدى مساهميها وشركائها وعملائها. ومن المهم أن نبقى على درجة عالية من المرونة والصلابة وسرعة الاستجابة اعتمادًاعلى ثروتنا البشرية والمواهب التي تزخر بها أرامكو السعودية حول العالم، فقد علمتنا الأحداث خلال السنوات القليلة الماضية أنه يصعب التنبوء بالمستقبل في كثير من الأحيان، ولكن بإمكاننا دومًا التخطيط والاستعداد لما قد يشكل مخاطر محتملة تعترض طريقنا.
وفي مرحلة ما بعد الجائحة، عندما يتم فتح الحدود بين الدول، وتجتمع الأسر من جديد، وتسترد حركة الاقتصاد عافيتها، سيكون هدفنا أوضح من أي وقت مضى. فالعالم بأسره سيكون في حاجة ماسة إلى إمدادات متواصلة من الطاقة وبأسعار معقولة، وذلك لتحقيق أهداف نبيلة، من بينها التمكن من تصنيع اللقاحات المطلوبة لمكافحة الجائحة وتوزيعها على نطاق عالمي.
وبحمد الله، يملؤنا التفاؤل والأمل ونحن نفتح صفحة عام جديد. فالمملكة أطلقت مؤخرًا للتطعيم ضد فيروس كورونا أكبر حملة صحية في تاريخها. وقد سجل في الحملة مئات الألوف من المواطنين والمقيمين، كما أخذ اللقاح العديد من موظفي الشركة، وقد كنت من بين آلاف الناس الذين أخذوا اللقاح في الظهران أكسبو، وهو الموقع الذي حددته وزارة الصحة، وقد كانت إجراءات أخذ اللقاح تسير بسلاسة وتتسم بالتنظيم الدقيق والمهنية العالية. وأشجع جميع الموظفين والموظفات أن يبادروا بالتسجيل في تطبيق صحتي من أجل الحصول على اللقاح.
وختامًا، أود التأكيد بأن العمل الذي ستؤدونه في عام 2021م سيكون في منتهى الأهمية، خاصة وأن خطة عمل الشركة حافلة بالمبادرات والمشاريع الطموحة. ولذا، فإنني أتقدم لكم سلفًا بالشكر والتقدير على الإسهامات التي سيقدمها كل واحد منكم والتي سيكون لها، بإذن الله، تأثير إيجابي على تنمية الوطن وكذلك على مسيرة استعادة انتعاش الاقتصاد العالمي وتعافيه. ومن المهم أن نستمر وسط هذه الظروف في أخذ الحيطة والحذر، واتباع الإجراءات الاحترازية، حتى تزول الجائحة قريبًا بإذن الله، كما أتمنى لكم عامًا جديدًا، سعيدًا، مفعمًا بالصحة والسعادة والأمل، أنتم وجميع أفراد أسركم.
دمتم بخير .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أمين حسن الناصر
الرئيس وكبير الإداريين التنفيذيين