البحث عن التاريخ في رحلة على الطريق شمال الرياض

البحث عن التاريخ في رحلة على الطريق شمال الرياض

في مكان ما على طول الطريق شمال الرياض، يتوقف الوقت وأنت تقف على القرى التقليدية القديمة التي كانت موجودة لأجيال. الوقت لم يمحُ آثار المدينة القديمة، بل بدلًا من ذلك استعادت المدينة ماضيها من خلال هندستها المعمارية وأساليب حياتها.

هنا، في البلدات والقرى الصغيرة الممتدة على طول الوديان ومصادر المياه، حيث تنمو مزارع النخيل، تتأثر الهندسة المعمارية بشكل كبير بالمناخ الحار والجاف.
البيوت مكونة من طابقين من طوب الطين والحجر والجير والأخشاب، ويلتصق بعضها ببعض، وتفصل بينها الطرق الضيقة المتعرجة. وباتباع الطرق القديمة، استخدم مشروع ترميم القرى المواد نفسها لإنجاز أعمال التجديد.

وعلى مدى آلاف السنين، كانت المنازل الطينية تمثِّل عنصرًا ثابتًا في الحضارة البشرية، لا سيما بالنسبة أولئك الذين يعيشون في المناطق الصحراوية، الذين تعلموا كيفية استخدام المواد المحلية لبناء منازل تتلاءم مع الظروف البيئية والثقافية التي يعيشونها.

ويُصنع الطوب باستخدام العملية القديمة نفسها، حيث يتم خلط الطين بالقش الذي يعمل كغراء، وإضافة الرمل ليجعل الطوب أصلب. وتملؤ عوارض السنط السقف، في حين يُربط سعف النخيل بعضه ببعض بإحكام، لتشكيل حصيرة موضوعة على العوارض. وفي النهاية يتم وضع طبقة سميكة من الطين لملء الفجوات. ونتيجة لذلك، يتم توفير مقاومة جيدة للحماية من أشعة الشمس الحارقة في الصحراء.

الغاط القديمة

وفي بداية الرحلة، وصلنا إلى قرية الغاط التراثية الخالية من السكان، على الضفة الشمالية لوادي الغاط، والتي تمتد على مسافة 1.5 كيلومترًا.
وتحمل القرية كل سحر ماضيها الفريد، ويكمن جمالها في المنحدر اللطيف للوادي الذي بُنيت عليه. ويمكن للزوار النظر إلى الهندسة المعمارية الأنيقة، والشارع الرئيس الذي يتضح على طول قعر الوادي.

وفي الوقت الحالي، أصبح قصر الإمارة السابق وسط البلد متحفًا، وتعود ملكيته للأمير الراحل ناصر بن سعد السديري. وتُعرض هنا أدوات تعود إلى العصر الحجري، ونقوش صخرية قديمة عُثر عليها في المنطقة، إلى جانب أدوات الزراعة التقليدية، والملابس والحرف اليدوية، وغرفة (الجصة) المخصصة لحفظ التمور، فضلًا عن معروضات الصيد التقليدية.

وعلى بُعد حوالي نصف ساعة، ستجد قصرًا في صحراء المجمعة، يتميز بفناء تم تجديده مع فرش الأرضية بسجاد ملوَّن، حيث تُقدَّم للزوار القهوة وغيرها من المشروبات الساخنة بالإضافة إلى التمر، ثم يمكنهم زيارة مزرعة الجمال القريبة.

أشيقر التراثية

قرية أشيقر، هي من بين أشهر القرى التراثية، وهي في قلب نجد، حيث تبعد 200 كيلومتر شمال غرب الرياض. وتقع القرية على سهل الوشم إلى الغرب من مجموعة ضيقة من الكثبان الرملية الحمراء، وقد أخذت أشيقر اسمها من لون تل صغير يقع شمال القرية.

وقد عاش السكان الأوائل هنا منذ حوالي 1500 عام، وكانت القرية بمثابة نقطة توقف للحجاج الذاهبين إلى مكة. وتتميز قرية أشيقر بالشوارع الضيقة، وبأزقة لا نهاية لها على ما يبدو، تتعرَّج بين 400 منزل طيني و25 مسجدًا تحتويها القرية. وقد تم تجديد بعض المنازل، التي لا تزال تحمل اسم الأسرة التي عاشت فيها، وهي مفتوحة للزوار.

ويتم الاحتفاظ بعديد من تقاليد المنطقة وتاريخها في متحف السالم، الذي يستضيف مجموعة من المقتنيات التقليدية، مثل العملات المعدنية والمجوهرات، والأواني الفضية والأدوات الزراعية والأبواب الخشبية والموازين والأواني والمواد الدراسية.

شقراء.. المحطة الأخيرة

آخر قرية تراثية على الطريق، هي واحدة من أقدم القرى في منطقة نجد. وهي إحدى المدن القليلة على الطريق من الرياض إلى مكة، حيث كانت في يوم ما تستضيف سوقًا ضخمة. ولا تزال السوق الحالية تضم حوالي 45 متجرًا ومجلسين، وما يقرب من 80 منزلًا.

المدينة بأكملها محاطة ببرج عال، وقد جعلت الترميمات مدينة شقراء تنبض بالحياة، فلايزال بإمكانك زيارة الساحات الداخلية، أو الاستمتاع بالفناء، أو الاستمتاع بإطلالة السطح، التي توفر رؤية على المدينة بأكملها.

كما أن المدينة مليئة بالبيوت الطينية والساحات البيضاء، ويمكنك أيضًا المشي في الشوارع حتى تصل إلى السوق، حيث تحافظ المتاجر على مظهرها القديم الأصلي. كما يمكنك أيضًا زيارة المتحف الذي يضم المنتجات والأدوات الأصلية القديمة.

Photo

You are currently using an older browser. Please note that using a more modern browser such as Microsoft Edge might improve the user experience. Download Microsoft Edge