قد يخيّل إلى البعض أن الاعتذار يقلل من شأنهم ويهدد غرورهم وأنفتهم وقد يعتقد كثيرٌ من الناس أن الأشخاص ضعيفي الشخصية هم فقط من يُقدمون على الاعتذار، وهذا اعتقاد خاطئ، فالاعتذار دليل على قوة الشخصية والثقة بالنفس ولا يسقط الهيبة كما يظن البعض. إن أخطأت بحق الصغير والكبير والموظف والزميل، أو أي فردٍ من أفراد المجتمع بقصد أو بدون قصد فاعتذر منه، أنت حينها في موقف قوة لا موقف ضعف.
ثقافة الاعتذار تَنُم عن خلقٍ رفيع وهي أحد أنواع الفنون البشرية التي لا يتمتع بها كثيرون، فغالبيتنا للأسف لا يجيد فن الاعتذار فتجدنا أبرع من يقدم الأعذار لا الاعتذار، نضع العذر تلو العذر ولكن نأبى أن نعتذر.
نحن لا نعاني فقط من الجهل بثقافة الاعتذار ولكننا أيضًا نرتدي عباءة الخوف منه ونتعالى ونتكبر خشية أن تنخدش (الكاريزما) وتجعل منا أشخاصًا ناقصين غير مهمين.
أيها المعتذر، لا تبرر اعتذارك بأعذار مزيفة ويكون العذرحينها أقبح من الذنب نفسه. اعتذر اعتذارًا حقيقيًا صادقًا نابعًا من قلبك معبرًا له عن ندمك وأسفك جراء ما ارتكبته من خطأ في حقه لتعود الأمور إلى نصابها الصحيح. اعتذر لمن أعطاك جلّ وقته، فبادلته بأقل من ذلك، اعتذر لمن صففت لهم الأعذار والوعود الكاذبة فخيبت ظنهم، اعتذر لمن خذلتهم مرةً تلو الأخرى، وتارةً بعد تارة إلى أن أصبحوا ضحية الخذلان والشعور بعدم الثقة. أما آن الأوان لنرتقي ونعترف بأخطائنا؟! أما آن الأوان لتعود المياه إلى مجاريها ونصبح على ما فعلنا نادمين ؟
نحن بحاجة ماسة إلى أن نعيد ترتيب أولوياتنا التربوية وتضمين ثقافة الاعتذار وتنميتها لأفراد المجتمع كافة والإسهام في زرع هذه الثقافة وفوائدها في نفوس أبنائنا منذ الصغر. الاعتذار فضيلة وأدب وخلق اجتماعي وفن إنساني راقي، وشيوع هذه الثقافة في حياتنا أمر مهم حتى تقوى العلاقات وتزداد الروابط وتموت الأحقاد وتندثر الضغائن ونسلم من الفتن وننتصر على النفس الأمارة بالسوء ويسلم المرء من تبعات العناد والإصرار على الخطأ الذي قد يدمر أممًا وشعوبًا وحضارات.
لذلك، بادر بالاعتذار والاعتراف بالخطأ وتذكر دائمًا أن تأتي معتذرًا خيرًا من أن تحمل أخطاءً ثقيلة في جوفك. أيها المعتذر، لوكنت ستُتبع اعتذارك بكلمة لكن، فلا داعي له!
ترحب القافلة الأسبوعية بمشاركة الموظفين في الكتابة لزاوية إضاءة، وذلك لتعميم الفائدة من خلال ما يطرح فيها من أفكار متنوعة تعبّر عن آراء كتّابها.