هل يُصاب الأطفال بالأمراض النفسية؟

هل يُصاب الأطفال بالأمراض النفسية؟

خلال زيارتها إلى عيادة الصحة النفسية، تحدَّثت إحدى الأمهات لـ«القافلة الأسبوعية» عن صدمتها بإصابة ابنها الصغير بمرض نفسي، إذ لم تتخيل أن يعاني الأطفال من الأمراض النفسية التي تصيب الكبار.

كما أكدت أن على الأُسر أن لا يقصروا اهتمامهم بأطفالهم في المجال التعليمي، وإنما يجب عليهم الانتباه أيضًا لمشاعر الأطفال وعدم تجاهلها مطلقًا، مشيرة إلى أن رعاية الصحة النفسية للطفل تحتاج إلى تعاون الأسرة بأكملها، ولا يقع ذلك على عاتق الوالدين فقط.

وبالعودة إلى الواقع، فإن عددًا كبيرًا من الأُسر تجهل أن المرض النفسي لا يقتصر على الكبار، وإنما من الممكن إصابة الأطفال الصغار به أيضًا. وللوقوف على هذه المشكلة، التقت «القافلة الأسبوعية» باستشاري الطب النفسي في مركز جونز هوبكنز أرامكو الطبي، الدكتور أحمد محمد الألمعي.

المرض النفسي والوصمة الاجتماعية

عند سؤال الدكتور الألمعي عن حيثيات المرض النفسي وأسبابه، أجاب: هناك اعتقاد خاطئ لدى كثير من المجتمعات، سواء الشرقية أو الغربية، حول أسباب الأمراض النفسية. وهناك وصمة اجتماعية شديدة في هذه المجتمعات حول المرض النفسي لها جذور تعود إلى المعتقدات القديمة، وطريقة معاملة المرضى النفسيين في القرون الماضية. فقد كانت هناك اعتقادات أن المرضى النفسيين يعانون من سحر أو مس من الجن أو حسد يسبب لهم هذه الأعراض.

لذلك، كان كثير من المرضى في مجتمعاتنا يلجؤون إلى العلاج الشعبي أو الروحي، فتمضي فترة طويلة قبل أن يُضطروا إلى مراجعة الأطباء المتخصصين، ولكن بعد أن تتفاقم الحالة. إن للجينات والوراثة دور كبير في الأمراض النفسية، وسببها هو اضطراب في النواقل العصبية في الدماغ؛ والأدوية النفسية والعلاج النفسي يصححان هذا الخلل.

ومن المهم الإشارة إلى أن الأمراض النفسية كثيرة ومختلفة، وبعضها يكون في شكل قلق بسيط أو اكتئاب، وقد لا يتطلب علاجًا دوائيًا. وهناك اضطرابات مثل فرط الحركة، ونقص الانتباه في الأطفال، التي يكون علاجها سلوكيًا أو دوائيًا في كثير من الأحيان، ويتم العلاج من قبل طبيب نفسي مختص للأطفال.

 وأخيرًا، وتحديدًا لدى الأطفال، هناك كثير من الاضطرابات، مثل التوحد وفرط الحركة ونقص الانتباه، أو غير ذلك من صعوبات التعلم. وعندما تكون الأعراض خفيفة، قد ترى الأُسر تلك الأعراض طبيعية، فيستمر الطفل في المعاناة لسنوات طويلة، وقد يلومه كل من حوله بأن سلوكه سيئ ومزعج، بينما يكون منشأ المشكلة اضطراب سلوكي أو نفسي يسهل علاجه في سن مبكرة. وللنظرة الاجتماعية السلبية دور كبير في تجنب الأُسر إحضار أطفالهم للتقييم والعلاج في سن مبكرة.

الخلافات والعنف الأسري

وسألنا الدكتور الألمعي عن الأمراض النفسية الأكثر انتشارًا في السعودية بالنسبة للأطفال، فأجاب: تُعدُّ الاضطرابات السلوكية في الأطفال من أكثر المشكلات التي تكون سببًا في إحضار الطفل لعيادة الطب النفسي، وتكون الشكاوى بشكل رئيس من المدرسة ومن الأسرة بسبب سلوك الطفل المزعج.

وبحسب خبرتي في هذا المجال، فإن غالبية المشكلات السلوكية سببها عدم وجود نظام واضح وثابت ومناسب لتربية الأطفال في المنزل، بالإضافة إلى الخلافات بين الوالدين، كما قد يؤثر العنف الأُسري على سلوك الأطفال. من جهة أخرى، يعاني بعض الأطفال من اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، ويشكِّل ذلك نسبة حوالي 10% من الأطفال.

وبحسب الدراسات العلمية، هناك أيضًا اضطرابات القلق والتوتر في الأطفال، وتظهر بعدَّة أشكال وأعراض، منها تعلُّق الطفل بأحد الوالدين تعلقًا شديدًا، ورفضه الذهاب إلى المدرسة، والخوف من أشياء شائعة في الحياة، مثل الحشرات والحيوانات والمرتفعات أو الأماكن المغلقة، وما إلى ذلك من اضطرابات القلق الأخرى، التي تكون في بعض الأحيان شديدة وتسبب إعاقة شديدة للطفل اجتماعيًا وتعليميًا وسلوكيًا.

هناك أيضًا اضطرابات التعلم لدى الأطفال، التي قد تكون مزمنة وتحتاج إلى دعم وتدخل دراسي بمجرد أن يتم التشخيص الصحيح، لكنها لا تحتاج إلى تدخل دوائي.

Photo

You are currently using an older browser. Please note that using a more modern browser such as Microsoft Edge might improve the user experience. Download Microsoft Edge